من
الشعر و ينوح به على كليب؛ فسمع ذلك عمرو بن مالك فقال: إنه لريّان، و اللّه لا
يشرب ماء حتى يرد ربيب- يعني جملا كان لعمرو بن مالك، و كان يتناول الدّهاس [1] من
أجواف هجر فيرعى فيها غبّا بعد عشر في حمارّة القيظ- فطلبت ركبان بني مالك ربيبا و
هم حراص على ألّا يقتل مهلهل، فلم يقدروا على البعير حتى مات مهلهل عطشا. و نحر
عمرو بن مالك يومئذ نابا فأسرج جلدها على مهلهل و أخرج رأسه. و كانت بنت خال مهلهل
امرأته بنت المحلّل [2] أحد بني تغلب قد أرادت أن تأتيه و هو أسير؛ فقال يذكرها:
فلما بلغها ما
هو فيه لم تأته حتى مات. فكان هبنّقة القيسيّ أحد بني قيس بن ثعلبة و اسمه يزيد بن
ثروان يقول- و كان محمّقا و هو الذي تضرب به العرب المثل/ في الحمق-: لا يكون لي
جمل أبدا إلا سميته ربيبا (يعني أن ربيبا كان مباركا لقتله مهلهلا). ذكر ذلك أجمع
ابن الكلبي و غيره من الرواة. و القصيدة الميميّة التي فيها الغناء المذكورة بذكر
أخبار المرقّش يقولها في مرثية ابن عم له. و فيها يقول:
عشق المرقش
أسماء بنت عوف و خطبها فزوّجها أبوها في بني مراد في غيبته:
قال أبو عمرو-
و وافقه المفضّل الضبي-: و كان من خبر المرقّش الأكبر أنه عشق ابنة عمه أسماء بنت
عوف بن مالك، و هو البرك، عشقها و هو غلام فخطبها إلى أبيها؛ فقال: لا أزوّجك حتى
تعرف [8] بالبأس- و هذا قبل أن تخرج ربيعة من أرض اليمن- و كان يعده فيها
المواعيد. ثم انطلق مرقّش إلى ملك من الملوك فكان عنده زمانا و مدحه فأجازه. و
أصاب عوفا زمان شديد؛ فأتاه رجل من مراد أحد بني غطيف [9]، فأرغبه في المال فزوّجه
أسماء على مائة من الإبل، ثم تنحى عن بني سعد بن مالك.
أخبره أهله
بموت أسماء و لما علم بزواجها من المرادي رحل إليها و مات عندها:
و رجع مرقش،
فقال إخوته: لا تخبروه إلّا أنها ماتت؛ فذبحوا كبشا و أكلوا لحمه و دفنوا عظامه و
لفّوها في ملحفة ثم قبروها. فلما قدم مرقّش عليهم أخبروه أنها ماتت، و أتوا به
موضع القبر؛ فنظر إليه و صار بعد ذلك يعتاده و يزوره. فبينا هو ذات يوم مضطجع و قد
تغطّى بثوبه و ابنا أخيه يلعبان بكعبين لهما إذ اختصما في كعب، فقال
[2] كذا في
الطبري و فيما مر في أكثر الأصول من الجزء الخامس من هذه الطبعة (ص 51). و في ب، س
هنا و فيما مر من الجزء الخامس و هامش الطبري: «المجلل» (بالجيم): و في سائر
الأصول هنا غير ب، س: «المجالد».
[3] الشنباء:
التي في أسنانها ماء ورقة و برد و عذوبة.
[4] رواية
هذا البيت في الجزء الخامس من هذه الطبعة (ص 51):