حتّى إذا الصبح بدا ضوأه
و غارت الجوزاء و المرزم [1]
خرجت و الوطء خفيّ كما
ينساب من مكمنه الأرقم [2]
فقال: من يقول هذا؟ قالوا: رجل من أهل الحجاز يقال له إسماعيل بن يسار النّسائي؛ فكتب في إشخاصه إليه. فلمّا دخل عليه استنشده القصيدة التي هذان البيتان منها؛ فأنشده:
كلثم أنت الهمّ يا كلثم
و أنتم دائي الذي أكتم
أكاتم الناس هوى شفّني
و بعض كتمان الهوى أحزم
/ قد لمتني ظلما بلا ظنّة
و أنت فيما بيننا ألوم
أبدي الذي تخفينه ظاهرا
ارتدّ عنه فيك أو أقدم
/ إمّا بيأس منك أو مطمع
يسدى بحسن الودّ أو يلحم
لا تتركيني هكذا ميّتا
لا أمنح الودّ و لا أصرم
أوفي بما قلت و لا تندمي
إنّ الوفيّ القول لا يندم
آية [3] ما جئت على رقبة
بعد الكرى و الحيّ قد نوّموا
أخافت المشي حذار العدا [4]
و الليل داج حالك مظلم
و دون ما حاولت [5] إذ زرتكم
أخوك و الخال معا و العم
و ليس إلّا اللّه لي صاحب
إليكم و الصارم اللّهذم [6]
حتّى دخلت البيت فاستذرفت
من شفق عيناك لي تسجم
ثم انجلى الحزن و روعاته
و غيّب الكاشح و المبرم [7]
فبتّ فيما شئت من نعمة [8]
يمنحنيها [9] نحرها و الفم
[2] الأرقم: أخبث الحيات، و الأنثى «رقشاء»، بالشين، و لا يقال: «رقماء» بالميم؛ لأنه قد جعل اسما منسلخا عن الوصفة.
[3] في ب، ح: «إيه بما جئت ... إلخ».
[4] في ء، ط، م: «حذار الردى».
[5] في ح: «و دون ما جاوزت».
[6] اللهذم: القاطع من السيوف و الأسنة.
[7] المبرم: الجليس الثقيل.
[8] النعمة بفتح النون: المسرة و الفرح و الترفه.
[9] في ء، ط، م: «جاد بها لي ثغرها و الفم».