قدم المدينة قادم من مكّة فدخل على عائشة بنت طلحة، فقالت له: من أين
أقبل الرجل؟ قال: من مكّة، فقالت: فما فعل الأعرابيّ؟ فلم يفهم ما أرادت، فلما عاد
إلى مكّة دخل على الحارث، فقال له: من أين؟ قال: من المدينة، قال: فهل دخلت على
عائشة بنت طلحة؟ قال: نعم، قال: فعمّاذا سألتك؟/ قال: قالت لي: ما فعل الأعرابيّ؟
قال له الحارث: فعد إليها و لك هذه الراحلة و الحلة و نفقتك لطريقك و ادفع إليها
هذه الرقعة، و كتب إليها فيها:
غنّى في هذه
الأبيات ابن محرز خفيف ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق، و ذكر يونس أن
فيها لحنا و لم يجنّسه، و ذكر عمرو أن فيه لبابويه ثاني ثقيل بالبنصر.
غضب على
الغريض ثم رق له و غناه الغريض في شعره:
أخبرني الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن محمد بن سلّام، قال:
لما ولّى عبد
الملك بن مروان الحارث بن خالد المخزوميّ مكّة بعث إلى الغريض فقال له: لا أرينّك
في عملي [3]، و كان قبل ذلك يطلبه و يستدعيه فلا يجيبه، فخرج الغريض إلى ناحية
الطائف، و بلغ ذلك الحارث فرقّ له فردّه و قال له: لم كنت تبغضنا و تهجر شعرنا و
لا تقربنا؟ قال له الغريض: كانت هفوة من هفوات/ النفس، و خطرة من خطرات الشيطان، و
مثلك وهب الذنب،/ و صفح عن الجرم، و أقال العثرة، و غفر الزّلّة، و لست بعائد إلى
ذلك أبدا؛ قال: و هل غنّيت في شيء من شعري؟ قال: نعم، قد غنّيت في ثلاثة أصوات من
شعرك، قال: هات ما غنّيت، فغنّيت:
[1]
الأقحوانة: موضع قرب مكة. قال الأصمعيّ: هي ما بين بئر ميمون إلى بئر ابن هشام.
[2] القمن (بالتحريك):
الخليق و الجدير كالقمن (بكسر الميم) إلا أن الأوّل لا يثني و لا يجمع و لا يؤنث،
لأنه مصدر وصف به بخلاف الثاني فإنه نعت، و يعدّى بالباء و من، يقال: هو قمن به و
منه، و هذا المنزل لك موطن قمن أي جدير أن تسكنه. و يحتمل أن يكون «قمن» في البيت
بمعنى قريب.