و قال: لم يسمع
من الوجل و الغزل فعلى، و لم أسمع بنون و نينان [1]؛ فبلغ ذلك بشّارا فقال: ويلي
على القصّارين [2]! متى كانت الفصاحة في بيوت القصارين! دعوني و إيّاه؛ فبلغ ذلك
الأخفش فبكى و جزع؛ فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: و ما لي لا أبكي/ و قد وقعت في لسان
بشّار الأعمى! فذهب أصحابه إلى بشار فكذّبوا عنه و استوهبوا منه عرضه و سألوه ألّا
يهجوه؛ فقال: قد وهبته للؤم عرضه. فكان الأخفش بعد ذلك يحتجّ بشعره في كتبه
ليبلغه؛ فكفّ عن ذكره بعد هذا.
قال: و قال غير
أبي حاتم: إنما بلغه أنّ سيبويه عاب هذه الأحرف [3] عليه لا الأخفش، فقال يهجوه:
قال: فتوقّاه
سيبويه بعد ذلك، و كان إذا سئل عن شيء فأجاب عنه و وجد له شاهدا من شعر بشّار
احتجّ به استكفافا لشرّه.
ذمّ بني سدوس
باستعانة بني عقيل:
أخبرني محمد بن
عمران الصّيرفيّ قال حدّثني الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني أحمد بن عليّ بن سويد
بن منجوف قال:
كان بشّار
مجاورا لبني عقيل و بني سدوس في منزل الحيّين، فكانوا لا يزالون يتفاخرون،
فاستعانت عقيل ببشّار و قالوا: له: يا أبا معاذ، نحن أهلك و أنت ابننا و ربيت في
حجورنا فأعنّا؛ فخرج عليهم و هم يتفاخرون، فجلس ثم أنشد:
فوثب بنو سدوس
إليه فقالوا: ما لنا و لك يا هذا! نعوذ باللّه من شرّك! فقال: هذا دأبكم إن عاودتم
مفاخرة بني عقيل؛ فلم يعاودوها.
/ أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني محمد بن إسماعيل عن محمد بن سلّام قال:
قال يونس النحويّ: العجب من الأزد يدعون هذا العبد ينسب بنسائهم و يهجو رجالهم-
يعني بشّارا- و يقول:
[1]
ورد هذا الجمع في كتب اللغة، فقد جاء في «لسان العرب» و «القاموس» و غيرهما في
مادة «نون»: النون: الحوت و الجمع أنوان و نينان.