responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 3  صفحه : 145

الصدر متبرّما بالناس، فكان يقول: اللهمّ إني [1] قد تبرّمت بنفسي و بالناس جميعا، اللهم فأرحني منهم. و كان إخوته يستعيرون ثيابه فيوسّخونها و ينتنون ريحها، فاتخذ قميصا له جيبان و حلف ألّا يعيرهم ثوبا من ثيابه، فكانوا يأخذونها بغير إذنه؛ فإذا دعا بثوبه فلبسه فأنكر رائحته فيقول [2] إذا وجد رائحة كريهة من ثوبه: «أينما أتوجّه ألق سعدا» [3]. فإذا أعياه الأمر خرج إلى الناس في تلك الثياب على نتنها و وسخها، فيقال له: ما هذا يا أبا معاذ؟

فيقول: هذه ثمرة صلة الرّحم. قال: و كان يقول الشّعر و هو صغير، فإذا هجا قوما جاءوا إلى أبيه فشكوه فيضربه ضربا شديدا، فكانت أمّه تقول: كم تضرب هذا الصبيّ الضرير، أ ما ترحمه! فيقول: بلى و اللّه إني لأرحمه و لكنه يتعرّض للناس فيشكونه إليّ؛ فسمعه بشّار فطمع فيه فقال له: يا أبت إنّ هذا الذي يشكونه منّي إليك هو قول الشعر، و إني إن ألممت عليه أغنيتك و سائر أهلي، فإن شكوني إليك فقل لهم: أ ليس اللّه يقول: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‌ حَرَجٌ)* [4]. فلما عاودوه شكواه قال لهم برد ما قاله بشّار؛ فانصرفوا و هم يقولون: فقه برد أغيظ لنا من شعر بشّار.

أعطاه فتى مائتي دينار لشعره في مطاولة النساء:

أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني محمد بن عثمان الكريزيّ قال حدّثني بعض الشعراء قال:

/ أتيت بشّارا الأعمى و بين يديه مائتا دينار [5]، فقال لي: خذ منها ما شئت، أو تدري ما سببها؟ قلت: لا؛ قال: جاءني فتى فقال لي: أنت بشّار؟ فقلت: نعم؛ فقال: إني آليت أن أدفع إليك مائتي دينار و ذلك أني عشقت امرأة فجئت إليها فكلّمتها فلم تلتفت إليّ، فهممت أن أتركها فذكرت قولك:

لا يؤيسنّك من مخبّأة

قول تغلّظه و إن جرحا

عسر النّساء إلى مياسرة

و الصّعب يمكن بعد ما جمحا

/ فعدت إليها فلازمتها حتى بلغت منها حاجتي.

عاب الأخفش شعره ثم صار بعد ذلك يستشهد به لما بلغه أنه همّ بهجوه:

أخبرني عمّي قال حدّثني الكرانيّ عن أبي حاتم قال:

كان الأخفش طعن على بشّار في قوله:

فالآن أقصر عن سميّة باطلي‌

و أشار بالوجلى عليّ مشير

و في قوله:

على الغزلى منّي السّلام فربّما

لهوت بها في ظلّ مرءومة [6] زهر


[1] كذا في ح و في باقي الأصول: «إني كنت قد تبرمت».

[2] كذا بالأصول و اقتران جواب الشرط الصالح للشرطيّة بالفاء خلاف الأصل (انظر «شرح الأشموني» ج 3 ص 60 طبع بولاق).

[3] هذا مثل يضرب لمن يلقى سوء المعاشرة في كلّ مكان، و أصله أن الأشموني بن قريع كان سيّد قومه فرأى منهم جفوة فرحل عنهم إلى آخرين فرآهم يصنعون بساداتهم مثل ذلك فقال هذا القول.

[4] سورة النور آية: 61.

[5] في ء، أ، م: «مائتا درهم»، و كذا فيما يأتي.

[6] مرءومة: محبوبة مألوفة.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 3  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست