فعلمت أنها
لبشّار، فأتيته فقلت: يا أبا معاذ، ما ذنبي إليك؟ قال: ذنب غراب البين؛ فقلت: هل
ذكرتني بغير هذا؟ قال: لا؛ فقلت: أنشدك اللّه ألّا تزيد؛ فقال: امض لشأنك فقد
تركتك.
بشار و جعفر
بن سليمان:
و نسخت من
كتابه: حدّثني عليّ بن مهديّ قال حدّثني يحيى بن سعيد الأيوزرذي [2] المعتزليّ قال
حدّثني أحمد بن المعذّل عن أبيه قال:
أنشد بشّار
جعفر بن سليمان:
أقلّي فإنّا لاحقون و إنّما
يؤخّرنا أنّا يعدّ لنا عدّا
و ما كنت إلا كالأغرّ ابن جعفر
رأى المال لا يبقى فأبقى به حمدا
/ فقال له جعفر بن سليمان: من ابن جعفر؟ قال:
الطيّار [3] في الجنة؛ فقال: لقد ساميت غير مسامى! فقال:
و اللّه ما
يقعدني عن شأوه بعد النسب، لكن قلّة النشب [4]، و إني لأجود بالقليل و إن لم يكن
عندي الكثير، و ما على من جاد بما يملك ألّا يهب البدور [5]؛ فقال له جعفر: لقد
هززت أبا معاذ، ثم دعا له بكيس فدفعه إليه.
سئل عن ميله
للهجاء دون المديح فأجاب:
و نسخت من
كتابه: حدّثني عليّ بن مهديّ قال حدّثني أحمد بن سعيد الرازيّ عن سليمان بن سليمان
العلويّ قال:
قيل لبشّار:
إنك لكثير الهجاء! فقال: إني وجدت الهجاء المؤلم آخذ بضبع [6] الشاعر من المديح
الرائع، و من أراد من الشّعراء أن يكرم في دهر اللئام على المديح فليستعدّ للفقر و
إلا فليبالغ في الهجاء ليخاف فيعطى.
بشار في
صباه:
أخبرني هاشم بن
محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة قال:
كان برد أبو
بشّار طيّانا حاذقا بالتّطيين، و ولد له بشّار و هو أعمى، فكان يقول:/ ما رأيت
مولودا أعظم بركة منه، و لقد ولد لي و ما عندي درهم فما حال الحول حتى جمعت مائتي
درهم. و لم يمت برد حتى قال بشّار الشّعر.
و كان لبشّار
أخوان يقال لأحدهما: بشر، و للآخر: بشير، و كانا قصّابين و كان بشّار بارّا بهما،
على أنه كان ضيّق
[2] كذا في
ب، س، أ، ء، و في م: «الأيوزردي» و في ح: «الأريوزذي».
[3] الطيار
لقب جعفر بن أبي طالب، و سبب هذا اللقب أنه أخذ الراية في غزوة «موتة» بعد زيد بن
حارثة فقاتل حتى قطعت يداه و مات، فأخبر النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بأنه يطير
مع الملائكة في السماء، و كان ابن عمر إذا سلّم على عبد اللّه بن جعفر قال: السلام
عليك يا ابن ذي الجناحين. (انظر «البخاري بشرح القسطلاني» ج 6 ص 143 طبع بولاق).
[4] كذا في
ء، أ، ح و في باقي النسخ: «النسب» و هو تصحيف.
[5] البدور:
جمع بدرة و هي كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار.