الرجز؟ قال: فقلت له: أنا
و اللّه أرجز العرب، قال: فأنشدني من رجزك، فكأني و اللّه لما قال ذلك لم أقل رجزا
قط، أنسانيه اللّه كلّه، فما ذكرت منه و لا من غيره شيئا إلا أرجوزة لرؤبة كان
قالها في تلك السنة، فظننت أنها لم تبلغ مسلمة، فأنشده إياها، فنكس رأسه و تتعتعت،
فرفع رأسه إليّ و قال: لا تتعب نفسك، فأنا أروى لها منك، قال: فانصرفت و أنا أكذب
الناس عنده و أخزاهم عند/ نفسي حتى تلطفت [1] بعد ذلك و مدحته برجز كثير، فعرفني و
قرّبني. و ما رأيت ذلك أثر فيه، يرحمه اللّه و لا قرّ عني به حتى افترقنا.
من مدحه لمسلمة:
و حدّثني أبو نخيلة قال:
لما انصرف مسلمة من حرب يزيد بن المهلب تلقيته، فلما عاينته صحت به:
يسأل رجلا من عشيرته أن
يوصله إلى الخليفة هشام فيفعل:
حدّثني هاشم بن محمد
الخزاعيّ قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن عمه، و أخبرني بهذا الخبر أحمد
بن عبيد اللّه بن عمّار قال: حدّثني عليّ بن محمد النّوفلي عن أبيه- و قد جمعت
روايتهما و أكثر اللفظ للأصمعي، قال: قال أبو نخيلة:
وفدت على هشام بن عبد
الملك فصادفت مسلمة قد مات، و كنت بأخلاق هشام غرّا و أنا غريب، فسألت عن أخص
الناس به، فذكر لي رجلان: أحدهما من قيس، و الآخر من اليمن، فعدلت إلى القيسي
بالتؤدة [4] فقلت: هو أقربهما إليّ، و أجدرهما بما أحب، فجلست إليه، ثم وضعت يدي
على ذراعه و قلت له: إني مسستك [5] لتمسّني رحمك [6].
/ أنا
رجل غريب شاعر من عشيرتك، و أنا غير عارف بأخلاق هذا الخليفة، و أحببت أن ترشدني
إلى ما أعمل فينفعني عنده، و على أن تشفع لي و توصلني إليه، فقال: ذلك كلّه لك
عليّ. و في الرجل شدة، ليس كمن عهدت من أهله، و إذا سئل و خلط مدحه بطلب حرم
الطالب، فأخلص له المدح، فإنه [7] أجدر أن ينفعك، و اغد إليه غدا فإني منتظرك
بالباب حتى أوصلك، و اللّه يعينك. فصرت من غد إلى باب هشام، فإذا بالرجل منتظر لي،
فأدخلني معه،/ و إذا بأبي النجم قد سبقني فبدأ فأنشده قوله: