حدّثني عمّي قال: حدّثني
ميمون بن هارون، قال: حدّثت عن الخريمي، قال:
كان الفضل بن يحيى ينافس
أخاه جعفرا، و ينافسه جعفر، و كان أنس بن أبي شيخ خاصا بجعفر، ينادمه و يأنس به في
خلواته، و كان سعيد بن وهب بهذه المنزلة للفضل.
فدخلت يوما إلى جعفر، و
دخل إليه سعيد بن وهب، فحدّثه و أنشده و تنادر له، و حكي عن المتنادرين، و أتى بكل
ما يسرّ و يطرب و يضحك، و جعفر ساكت ينظر إليه لا يزيد على ذلك.
فلما خرج سعيد من عنده
تجاهلت عليه، و قلت له: من هذا الرجل الكثير الهذيان؟ قال: أ و ما تعرفه؟ قلت:
لا؛ قال: هذا سعيد بن وهب
صديق أخي/ أبي العباس و خلصانه و عشيقه، قلت: و أيّ شيء رأى فيه؟ قال: لا شيء و
اللّه إلّا القذر و البرد و الغثاثة.
ثم دخلت بعد ذلك إلى
الفضل، و دخل أنس بن أبي شيخ فحدّث و ندّر و حكى عن المضحكين و أتى بكل طريفة،
فكانت قصة الفضل معه قصة جعفر مع سعيد، فقلت له بعد أن خرج من حضرته: من هذا
المبرّد؟ قال:
أ و لا تعرفه؟ قلت: لا.
قال: هذا أنس بن أبي شيخ صديق أخي أبي الفضل و عشيقه و خاصته. قلت: و أيّ شيء
أعجبه فيه؟ قال: لا أدري و اللّه، إلّا القذر و البرد و سوء الاختيار.
قال: و أنا و اللّه أعرف
بسعيد و أنس من الناس جميعا، و لكني تجاهلت عليهما و ساعدتهما على هواهما.
يفي للفضل بن الربيع في
نكبته فيعظم قدره:
حدّثني عمّي، قال: حدّثني
ميمون بن هارون، قال: قال إبراهيم بن العباس:
قال لي الفضل بن الربيع
ذات يوم: عرّفتنا أيام النكبة [1] من كنا نجهله من الناس، و ذلك أنا احتجنا إلى أن
نودع أموالنا، و كان [2] أمرها كثيرا مفرطا، فكنا نلقيها على الناس إلقاء، و
نودعها الثقة و غير الثقة، فكان ممن أودعته سعيد بن وهب، و كان رجلا صعلوكا لا مال
له، إنما صحبنا على البطالة [3]: فظننت أن ما أودعته ذاهب، ثم طلبته منه بعد حين،
فجاءني و اللّه بخواتيمه.
و أودعت عليّ بن الهيثم
كاتبنا جملة عظيمة، و كان عندي أوثق من أودعته،/ فلما أمنت طالبته بالوديعة،
فجحدنيها و بهتني [4] و حلف على ذلك، فصار سعيد عندي في السماء، و بلغت به كل
مبلغ، و سقط عليّ بن الهيثم، فما يصل إليّ و لا يلقاني.
يحاجي جارية رجل من
البرامكة:
أخبرني جعفر بن قدامة،
قال: حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه، حدّثني عمرو بن بانة. قال:
كان في جواري رجل من
البرامكة، و كانت له جارية شاعرة ظريفة، يقال لها حسناء، يدخل إليها الشعراء