سعيد بن وهب أبو عثمان
مولى بني سلمة بن لؤيّ بن نصر، مولده و منشؤه [1] بالبصرة، ثم سار إلى بغداد فأقام
بها، و كانت الكتابة صناعته، فتصرّف مع البرامكة فاصطنعوه، و تقدم عندهم.
أكثر شعره في الغزل:
و كان شاعرا مطبوعا، و مات
في أيام المأمون، و أكثر شعره في الغزل و التشبيب [2] بالمذكّر، و كان مشغوفا
بالغلمان و الشراب.
ثم تنسك [3] و تاب، و حج
راجلا على قدميه، و مات على توبة و إقلاع و مذهب [4] جميل.
أبو العتاهية يرثيه:
و مات و أبو العتاهية حيّ،
و كان صديقه فرثاه.
فأخبرني عليّ بن سليمان
الأخفش. عن محمد بن مزيد. قال:
حدّثت عن بعض أصحاب أبي
العتاهية. قال: جاء رجل إلى أبي العتاهية- و نحن عنده- فسارّه في شيء فبكى أبو
العتاهية، فقلنا له: ما قال لك هذا الرجل يا أبا إسحاق فأبكاك؟ فقال، و هو يحدثنا
لا يريد أن يقول شعرا:
قال لي مات سعيد بن
وهب
رحم اللّه سعيد بن وهب
يا أبا عثمان أبكيت
عيني
يا أبا عثمان أوجعت قلبي
قال: فعجبنا من طبعه و
أنّه تحدّث، فكان حديثه شعرا موزونا.
يتوب و يتزهد:
و أخبرني الحسن بن عليّ
الخفاف. قال: حدثنا عبد اللّه بن أبي سعد قال: حدّثني سيبويه أبو محمد، قال:
كان سعيد بن وهب الشاعر
البصريّ مولى بني سامة قد تاب و تزهّد، و ترك قول الشعر. و كان له عشرة من البنين
و عشر من البنات، فكان إذا وجد شيئا من شعره خرقه و أحرقه.
و كان امرأ صدق، كثير
الصلاة، يزكّي في كل سنة عن جميع ما عنده حتى إنه ليزكّي عن فضة كانت على امرأته.
[1]
هذه الترجمة ممّا لم يرد في طبعة
بولاق، و هو في ملحق برنو و موضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.
[2]
في «المختار» و «كان أكثر شعره في الغزل و الشراب و التشبيب ...»، و في «التجريد»: «و كان أكثر شعره في الغزل و الشراب».