أخبرني عمي الحسن بن أحمد،
قال: حدّثني الحسن بن عليل العنزيّ، قال: قال صدقة بن إبراهيم البكريّ:
كان أبو الهنديّ يشرب معنا
بمرو، و كان إذا سكر يتقلب تقلّبا قبيحا في نومه، فكنا كثيرا ما نشدّ رجله لئلا
يسقط من السطح، فسكر ليلة و شددنا رجله بحبل، و طولنا فيه ليقدر على القيام إلى
البول و غير ذلك من حوائجه، فتقلّب و سقط من السطح، و أمسكه الحبل فبقي منكّسا و
تخنّق بما في جوفه من الشراب، فأصبحنا فوجدناه ميتا.
قال: فكان الفتيان بعد ذلك
يجيئون إلى قبره، و يشربون و يصبّون القدح إذا انتهى إليه على قبره.
قال حماد بن إسحاق عن أبيه
في وفاة أبي الهنديّ: إنه خرج و هو سكران في ليلة باردة من حانة خمّار و هو ريان،
فأصابه [4] ثلج فقتله، فوجد من غد ميتا على الطريق.
شعره و قد كف عن الشراب
مدة:
و روى حماد بن إسحاق عن
أبيه، قال: حج نصر بن سيار و أخرج معه أبا الهنديّ، فلما حضرت أيام الموسم قال له:
يا أبا الهنديّ، إنّا بحيث ترى، وفد اللّه و زوّار بيته، فهب لي النبيذ في هذه
الأيام و احتكم عليّ، فلو لا ما ترى، ما منعتك، فضمن له ذلك و غلّظ عليه الاحتكام،
و وكّل به نصر بن سيار، فلما انقضى الأجل مضى في السحر قبل أن يلقي نصرا، فجلس في
أكمة يشرف منها على فضاء واسع، فجلس عليها و وضع بين يديه إداوة، و أقبل يشرب و
يبكي، و يقول:
/
أديرا عليّ الكأس إنّي فقدتها
كما فقد المفطوم درّ المراضع
حليف مدام فارق الراح
روحه
فظل عليها مستهلّ المدامع
قال: و عاتب قوم أبا
الهنديّ على فسقه و معاقرته الشراب، فقال: