اصطبح محمد الأمين ذات
يوم، و أمر بالتوجيه إلى إسحاق، فوجّه إليه عدّة رسل، كلهم لا يصادفه، حتى جاء
أحدهم به، فدخل منتشيا و محمد مغضب. فقال له: أين كنت ويلك! قال: أصبحت يا أمير
المؤمنين نشيطا، فركبت إلى بعض المتنزهات، فاستطبت الموضع و أقمت فيه و سقاني
زياد، فذكرت أبياتا للأخطل و هو يسقيني، فدار لي فيها لحن حسن فصنعته فيها، و قد
جئتك به. فتبسّم، ثم قال: هات، فما تزال تأتي بما يرضي عنك عند السخط، فغناه:
صوت
إذا ما زياد علني ثم
علّني
ثلاث زجاجات لهنّ هدير
خرجت أجرّ الذيل زهوا
كأنني
عليك أمير المؤمنين أمير
قال: بل على أبيك، قبح
اللّه فعلك، فما يزال إحسانك في غنائك يمحو إساءتك في فعلك، و أمر له بألف دينار.
الشعر في هذين البيتين
للأخطل، و الغناء لإسحاق، رمل بالبنصر. و رواية شعر الأخطل:
إذا ما نديمي علّني
ثم علّني
و إنما غيّره إسحاق فقال: «إذا ما زياد».
أخبرني عليّ بن سليمان عن
محمد بن يزيد النحويّ:
أن عبد الملك بن مروان قال
للأخطل: ما يدعوك إلى الخمر؟ فو اللّه إن أولها لمرّ، و إنّ آخرها لسكر! قال:
أجل، و لكن بينهما حالة،
ما ملكك عندها بشيء، و قد قلت في ذلك:
الشعر لعمر بن أبي ربيعة،
و الغناء لابن عائشة ثاني ثقيل بالبنصر، و فيه لدحمان ثقيل أول بالبنصر. و يقال:
إنه لابن سريج، و قيل: إن الثقيل الأول لابن عائشة، و الثقيل الثاني لابن سريج، و
فيه خفيف ثقيل أول، ينسب إلى ابن سريج و إلى علي بن الجواريّ.