تطلب أن ينظم أبو
العتاهية أبياتا تعطف عليها المأمون:
حدّثني محمد بن موسى، قال،
حدثنا جعفر بن الفضل الكاتب، قال: أحسّت زبيدة من المأمون بجفاء، فوجهت إلى أبي
العتاهية تعلمه بذلك، و تأمره أن يعمل فيه أبياتا تعطفه عليها، فقال:
صوت
ألا إنّ ريب الدهر
يدني و يبعد
و يؤنس بالآلاف طورا و يفقد
أصابت لريب الدهر مني
يدي يدي
فسلّمت للأقدار و اللّه أحمد
و قلت لريب الدهر إن
ذهبت يد
فقد بقيت و الحمد للّه لي يد
إذا بقي المأمون
فالرشيد لي
و لي جعفر لم يفقدا و محمد
الغناء لعلّويه.
قال: فحسن موقع الأبيات
منه، و عاد لها المأمون إلى أكثر مما كان لها عليه.
وجدت في كتاب محمد بن
الحسن الكاتب.
حدّثني هارون بن مخارق،
قال: حدّثني أبي، قال: ظهرت لأم جعفر جفوة من المأمون، فبعثت إليّ بأبيات و أمرتني
أن أغني فيها المأمون إذا رأيته نشيطا و أسنت لي الجائزة، و كان كاتبها قال
الأبيات، ففعلت، فسألني المأمون عن الخبر فعرّفته، فبكى و رقّ لها، و قام من وقته
فدخل إليها فأكبّ عليها، و قبلت يديه، و قال لها:/ يا أمّه، ما جفوتك تعمّدا، و
لكن شغلت عنك بما لا يمكن إغفاله، فقالت: يا أمير المؤمنين، إذا حسن رأيك لم
يوحشني شغلك، و أتمّ يومه عندها، و الأبيات:
ألا إن ريب الدهر
يدني و يبعد
و يؤنس بالآلاف طورا و يفقد
و ذكر باقي الأبيات مثل ما
في الخبر الأول:
ينظم أبو العتاهية شعرا
على لسانها للمأمون:
أخبرني محمد بن يحيى، قال:
حدّثني الحسن بن على الرازي، قال:
حدّثني أبو سهل الرازقي عن
أبيه، قال: عمل أبو العتاهية شعرا على لسان زبيدة بأمرها لمّا قدم المأمون بغداد،
أوله:
لخير إمام قام من خير
عنصر
و أفضل راق فوق أعواد منبر
فذكر محمد بن أحمد بن
المرزبان عن بعض كتاب السلطان: أن المأمون لمّا قدم مدينة السّلام و استقرّت به
الدار، و انتظمت له الأمور، أمرت أم جعفر كاتبا لها فقال هذه الأبيات، و بعثت بها
إلى علّويه، و سألته أن يصنع فيها لحنا، و يغني فيه المأمون ففعل، و كان ذلك مما
عطفه عليها، و أمرت لعلويه بعشرين ألف درهم. و قد روي أن الأبيات الّتي أولها: