و ذكر عليّ بن الحسين أيضا
أن محمد بن السريّ حدّثه أنه أطال الغيبة عن بغداد و قد وسوس خالد، فمرّ به في
الرّصافة و الصبيان يصيحون به: يا غلام الشريطيّ يا خالد البارد، و يرجع إليهم
فيضربهم و يزيد و يرميهم، قال: فقلت له: كيف أنت يا أبا الهيثم؟/ قال: كما ترى! فقلت
له: فمن تعاشر اليوم؟ قال: من أحذره، فعجبت من جوابه مع اختلاله، فقلت له: ما قلت
بعدي من الشعر؟ قال: ما حفظه الناس و أنسيته، و على ذلك قولي:
ثم قال: يا أبا جعفر، جننت
بعدك، فقلت: ما جعلك اللّه مجنونا؛ و هذا كلامك لي و نظمك.
حدّثني محمد بن الطلاس أبو
الطيب، قال: حضرت جنازة بعض جيراني، فلقيت خالدا في المقبرة فقبضت عليه، و قلت:
أنشدني، فذهب ليهرب مني، فغمزت على يده غمزة أوجعته، فقال: خلّ عني أنشدك، فأرخيت
يدي عن يده، فأنشدني:
حدّثني عمّي- رحمه اللّه-
قال: مرّ بنا خالد الكاتب هاهنا و الصبيان خلفه يصيحون به، فجلس إليّ فقال:
فرّق هؤلاء عني، فقلت، و
ألحّت عليه جارية تصيح: يا خالد يا بارد، فقال لها:
/ مرّي
يا منتنة الكسّ، و يا من كسها دس [3]. فقلت له: يا أبا الهيثم، أيّ شيء معنى «دس» هاهنا؟ قال:
تشتهي الأير الصغير و
الكبير و الوسط، و لا تكره منها شيئا و أقبل الصبيان يصيحون بتلك الجارية بمثل ما
قال لها خالد، و هي ترميهم و تهرب منهم حتى غابوا معها عنا، فأقبل عليّ خالد
متمثلا فقال:
[2]
النعمة بفتح النون: اسم من التنعم، و
هو: الترفه.
[3]
في «المختار»: «رس»، و لم أعثر على
التفسير الّذي ذكره خالد اللفظين فيما رجعت إليه من «المعاجم»، و العبارة مثبتة في
النسخ على نظام الشعر، و ليست منه، و لا لها وزن من أوزانه المعروفة، و هي في «المختار» على هيئة النثر.