حدّثني حمزة بن أبي سلالة
الشاعر الكوفيّ، قال دخلت بغداد في بعض السنين فبينا أنا [2] مارّ بجنينة إذا أنا
برجل عليه مبطنة نظيفة، و على رأسه قلنسية [3] سوداء، و هو راكب قصبة، و الصبيان
خلفه يصيحون به: يا خالد يا بارد، فإذا آذوه حمل عليهم بالقصبة، فلم أزل أطردهم
عنه حتى تفرقوا، و أدخلته بستانا هناك، فجلس و استراح، و اشتريت له رطبا فأكل، و
استنشدته فأنشدني:
و ذكر عليّ بن الحسين بن
أبي طلحة عن أبي الفضل الكاتب- أنه دعا خالدا ذات يوم فأقام عنده. و خلع عليه، فما
استقر به المجلس حتى خرج، قال: فأتبعته رسولا ليعرف خبره، فإذا هو قد جاء إلى غلام
[5] كان يحبه، فسأل [6] عنه فوجده في دار القمار، فمضى إليه حتى خلع عليه تلك
الثياب و قبّله و عانقه و عاد إلينا، فلما جاء خالد أعطيت [7] الغلام الّذي وجّهنا
[8] به دنانير و دعاه [9] فجاء به إلينا، و أخفيناه و سألنا خالدا عن خبره فكتمه و
جمجم [10]، فغمزنا الرسول فأخرجه علينا، فلما رآه خالد بكى و دهش، فقلنا له: لا
ترع، فإن من القصة كيت و كيت، و إنما أردنا أن نعرف خبرك لا أن نسوءك، فطابت نفسه
و أجلسه إلى جنبه، و قال: قد بليت بحبّه و بالخوف عليه مما قد بلي به من القمار،
ثم أنشد لنفسه فيه: