كتب إلى أخي بعض إخوانه
ممن كان يألفه و يديم زيارته، ثم انقطع عنه- يعتذر إليه من تأخره عنه، فكتب إليه:
/
إني امرؤ أعذر إخواني
في تركهم برّي و إتياني
لأنه لا لهو عندي و
لا
لي اليوم جاه عند سلطان
و أكثر الإخوان في
دهرنا
أصحاب تمييز و رجحان
فمن أتاني منعما
مفضلا
فشكره عندي شكران
و من جفاني لم يكن
لومه
عندي و لا تعنيفه شاني
أعفو عن السيّئ من
فعلهم
و أتبع الحسنى بإحسان
حسب صديقي أنه واثق
مني بإسراري و إعلاني
ينشد المأمون شعرا و هو
لا يزال غلاما:
حدّثني اليزيديّ قال:
حدّثني أبي عن عمي من أبي جعفر أحمد بن محمد قال:
دخلت على المأمون و هو في
مجلس غاصّ بأهله- و أنا يومئذ غلام- فاستأذنت في الإنشاد، فأذن، فأنشدته مديحا لي
مدحته به، و كان يستمع للشاعر ما دام في تشبيب أو وصف ضرب من الضروب، حتى إذا بلغ
إلى مديحه لم يسمع منه إلّا بيتين أو ثلاثة، ثم يقول للمنشد: حسبك ترفعا، فأنشدته:
يا من شكوت إليه ما
ألقاه
و بذلت من وجدي له أقصاه
فأجابني بخلاف ما
أمّلته
و لربما منع الحريص مناه
أ ترى جميلا أن شكا
ذو صبوة
فهجرته و غضبت من شكواه
/ يكفيك صمت أو جواب مؤيس
إن كنت تكره و صله و هواه
موت المحب سعادة إن
كان من
يهواه يزعم أن ذاك رضاه
فلما صرت إلى المديح قلت:
أبقى لنا اللّه
الإمام و زاده
عزّا إلى العز الّذي أعطاه
فاللّه مكرمنا بأنا
معشر
عتقاء من نعم العباد سواه
/ فسرّ بذلك و ضحك، و قال: جعلنا اللّه و إياكم ممن
يشكر النعمة، و يحسن العمل.
ينشد المأمون شعرا و هو
يريد الغزو:
أخبرنا محمد بن العباس
قال: حدّثني أبي عن أخيه أبي جعفر قال:
دخلت يوما على المأمون
بقارا [1]، و هو يريد الغزو فأنشدته شعرا مدحته فيه؛ أوله: