قال: فغضب المأمون، و قال:
أنا في وجه عدو، و أحض الناس على الغزو، و أنت تذكّرهم نزهة بغداد؟
فقلت: الشيء بتمامه، ثم
قلت:
فصحوت بالمأمون عن
سكري
و رأيت خير الأمر ما اختارا
و رأيت طاعته مؤدية
للفرض إعلانا و إسرارا
فخلعت ثوب الهزل عن
عنقي
و رضيت دار الجدّ لي دارا
و ظللت معتصما
بطاعته
و جواره و كفى به جارا
إن حلّ أرضا فهي لي
وطن
و أسير عنها حيثما سارا
/ فقال له يحيى بن أكثم: ما أحسن ما قال يا أمير
المؤمنين! أخبر أنه كان في سكر و خسار، فترك ذلك و ارعوى، و آثر طاعة خليفته، و
علم أن الرشد فيها؛ فسكن و أمسك.
يجيز بيتا للمأمون في
غلام المعتصم:
حدّثني الصوليّ قال:
حدّثني محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات
عن أبيه قال:
دعا المعتصم ذات يوم
المأمون فجاءه، فأجلسه في بيت على سقفه جامات، فوقع ضوء الشمس من وراء تلك الجامات
على وجه سيما التركي غلام المعتصم، و كان المعتصم أوجد الناس به، و لم يكن في عصره
مثله، فصاح المأمون يا أحمد بن محمد اليزيديّ- و كان حاضرا- فقال: انظر إلى ضوء
الشمس على وجه سيما التركي، أ رأيت أحسن من هذا قط؟ و قد قلت:
قد طلعت شمس على شمس
و زالت الوحشة بالأنس
أجز يا أحمد، فقلت:
قد كنت أشنا الشمس
فيما مضى
فصرت أشتاق إلى الشمس
[1]
في «معجم البلدان»: باري بكسر الراء: قرية من أعمال كلواذ من
نواحي بغداد، و كان بها بساتين و متنزهات، يقصدها أهل البطالة.
[2]
القفص، بالضم ثم بالسكون: قرية مشهورة
بين بغداد و عكبرا، قريب من بغداد. و كانت من مواطن اللهو و معاهد النزه و مجالس
الفرح، ينسب إليها الخمور الجيدة و الحانات الكثيرة.