خزاعة يا أمير المؤمنين؟
قال: و من تعرف فيهم شاعرا؟ فقال: أما من أنفسهم فأبوا الشّيص و دعبل و ابن أبي
الشّيص و أما من مواليهم فطاهر و ابنه عبد اللّه. فقال: و من عسى في هؤلاء أن يسأل
عن شعره سوى دعبل! هات أيّ شيء عندك فيه. فقال و أيّ شيء أقول في رجل لم يسلم
عليه أهل بيته حتى هجاهم، فقرن إحسانهم بالإساءة، و بذلهم بالمنع، و جودهم بالبخل،
حتى جعل كل حسنة منهم بإزاء سيئة! قال: حين يقول ما ذا؟ قال حين يقول في المطّلب
بن عبد اللّه بن مالك، و هو أصدق الناس له، و أقربهم منه، و قد وفد إليه إلى مصر
فأعطاه [1] العطايا الجزيلة، و ولاه و لم يمنعه ذلك من أن قال فيه:
قال: فقال المأمون: قاتله
اللّه! ما أغوصه و ألطفه و أدهاه! و جعل يضحك، ثم دخل عبد اللّه بن طاهر، فقال له:
أيّ شيء تحفظ يا عبد اللّه لدعبل؟ فقال: أحفظ أبياتا له في أهل بيت أمير
المؤمنين، قال: هاتها ويحك، فأنشده عبد اللّه قول دعبل:
سقيا و رعيا لأيام
الصبابات
أيام أرفل في أثواب لذاتي
أيام غصني رطيب من
ليانته
أصبو إلى غير جارات و كنّات
/ دع عنك ذكر زمان فات مطلبه
و اقذف برجلك عن متن الجهالات
و اقصد بكل مديح أنت
قائله
نحو الهداة بني بيت الكرامات
وصفه لسفر طويل يعجب
المأمون:
فقال المأمون: إنه قد وجد
مقالا فقال، و نال ببعيد ذكرهم مالا يناله في وصف غيرهم، ثم قال المأمون: لقد أحسن
في وصف سفر سافره، فطال ذلك السفر عليه، فقال فيه:
أ لم يأن للسّفر
الذين تحملوا
إلى وطن قبل الممات رجوع!
فقلت و لم أملك سوابق
عبرة
نطقن بما ضمت عليه ضلوع
/ تبيّن فكم دار تفرّق شملها
و شمل شتيت عاد و هو جميع
كذاك الليالي صرفهنّ
كما ترى
لكل أناس جدبة و ربيع
ثم قال: ما سافرت قطّ إلا
كانت هذه الأبيات نصب عيني في سفري، و هجّيري [3] و مسلّيتي حتى أعود.
يقص قصة مكار أساء
جوابه:
أخبرني عليّ بن سليمان
الأخفش قال: حدّثني المبرّد و محمد بن الحسن بن الحرون [4] قالا: قال دعبل: