خرجت إلى الجبل هاربا من
المعتصم، فكنت أسير في بعض طريقي و المكاري يسوق بي بغلا تحتي، و قد أتعبني تعبا
شديدا، فتغنّى المكاري في قولي:
لا تعجبي يا سلم من
رجل
ضحك المشيب برأسه فبكى
فقلت له، و أنا أريد أن
أتقرّب إليه و أكفّ ما يستعمله من الحثّ للبغل لئلّا يتعبني: تعرف لمن هذا الشعر
يا فتى؟ فقال: لمن ناك أمّه و غرم درهمين، فما أدري أيّ أموره أعجب: من هذا الجواب
أم من قلة العرم على عظم الجناية!
تغنت بشعره جارية:
/ حدّثني عمي قال: حدّثني أحمد بن الطيب السرخسيّ قال:
حضرت مجلس محمد بن عليّ بن
طاهر و حضرته مغنّية يقال لها: شنين مشهورة، فغنّت:
لا تعجبي يا سلم من
رجل
ضحك المشيب برأسه فبكى
ثم غنّت بعده:
لقد عجبت سلمى و ذاك
عجيب
فقلت لها: ما أكثر تعجب
سلمى هذه! فعلمت أني أعبث بها لأسمع جوابها، فقالت متمثلة غير متوقفة و لا متفكرة:
فعجبت و اللّه من جوابها و
حدّته و سرعته، و قلت لمن حضر: و اللّه لو أجاب الجاحظ هذا الجواب لكان كثيرا منه
مستظرفا.
نسبة هذا الصوت
صوت
لقد عجبت سلمى و ذاك
عجيب
رأت بي شيبا عجّلته خطوب
و ما شيّبتني كبرة
غير أنني
بدهر به رأس الفطيم يشيب
الغناء ليحيى المكيّ، ثقيل
أول بالوسطى من كتاب أبيه أحمد.
صديق له يصنع كل غناء بشعره:
حدّثني جعفر بن قدامة قال:
حدّثني محمد المرتجل بن أحمد بن يحيى المكيّ قال:
كان أبي صديقا لدعبل، كثير
العشرة له، حافظا لغيبه، و كلّ شعر يغنّى فيه لدعبل/ فهو من صنعة أبي، و غناني من
صنعة أبيه في شعر دعبل، و الطريقة فيه خفيف ثقيل في مجرى البنصر: