responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 20  صفحه : 229

زرت أبا دلف، فكنت لا أدخل إليه إلّا تلقاني ببرّه و أفرط، فلما أكثر قعدت عنه حياء منه، فبعث إليّ بمعقل أخيه، فأتاني فقال لي: يقول لك الأمير: لم هجرتنا؟ لعلك استبطأت بعض ما كان منّي، فإن كان الأمر كذلك فإني زائد فيما كنت أفعله حتى ترضى، فدعوت من كتب لي، و أمللت عليه هذه الأبيات، ثم دفعتها إلى معقل، و سألته أن يوصلها، و هي:

هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة

و هل يرتجى نيل الزيادة بالكفر

و لكنني لما أتيتك زائرا

فأفرطت في بري عجزت عن الشكر

فها أنا لا آتيك إلا مسلّما

أزورك في الشهرين يوما و في الشهر

فإن زدتني برّا تزايدت [1] جفوة

و لم تلقني طول الحياة إلى الحشر

قال: فلما سمعها معقل استحسنها جدا، و قال: جوّدت و اللّه، أما أن الأمير ليعجب/ بمثل هذه الأبيات، فلما أوصلها إلى أبي دلف قال: للّه درّه! ما أشعره، و ما [2] أرقّ معانيه! ثم دعا بدواة، فكتب إليّ:

/

ألا ربّ ضيف طارق قد بسطته‌

و آنسته قبل الضيافة بالبشر

أتاني يرجّيني فما حال دونه‌

و دون القرى من نائلي عنده ستري‌

وجدت له فضلا عليّ بقصده‌

إليّ و برّا يستحق به شكري‌

فلم أعد أن أدنيته و ابتدأته‌

ببشر و إكرام و برّ على برّ

و زوّدته مالا قليل [3] بقاؤه‌

و زوّدني مدحا يدوم على الدهر

ثم وجّه بهذه الأبيات مع وصيف يحمل كيسا فيه ألف دينار، فذلك حيث قلت له:

إنما الدنيا أبو دلف‌

بين باديه و محتضره‌

يقصد عبد اللّه بن طاهر ليمدحه، فيرده لغلوه في مدح أبي دلف:

أخبرني عمي قال: حدّثني أحمد بن أبي طاهر قال: حدّثني أحمد بن القاسم قال: حدّثني نادر مولانا:

أن عليّ بن جبلة خرج إلى عبد اللّه بن طاهر و إلى خراسان، و قد امتدحه، فلما وصل إليه قال له: أ لست القائل:

إنما الدنيا أبو دلف‌

بين باديه و محتضره‌

فإذا ولّى أبو دلف‌

ولّت الدنيا على أثره‌

قال: بلى، قال: فما الّذي جاء بك إلينا، و عدل بك عن الدنيا الّتي زعمت؟/ ارجع من حيث جئت، فارتحل، و مرّ بأبي دلف و أعلمه الخبر، فأعطاه حتى أرضاه. قال نادر: فرأيته عند مولاي القاسم بن يوسف، و قد سأله عن خبره فقال:

أبو دلف إن تلقه ماجدا

جوادا كريما راجح الحلم سيدا


[1] كذا في س. في أ، ب، ج «تزيدت».

[2] في ب، س ب «ما أشعره و أرق». و في أ، ج «ما أشعره و أدق».

[3] ف، مم، مو «قليلا» بالنصب، و كلاهما صحيح.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 20  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست