اهتز أبو تمام من فرقه [2]
إلى قدمه، ثم قال: أحسن، و اللّه لوددت أن لي هذا/ البيت بثلاث/ قصائد من شعري
يتخيرها [3] و ينتخبها [4] مكانه.
طلب أن ينشد المأمون
مدحا فيه ثم يختار الإقالة فرارا من شروط للمأمون:
أخبرني عمي قال: حدّثني
أحمد بن أبي طاهر قال: حدّثني أبو نزار الضبيّ الشاعر قال:
قال لي عليّ بن جبلة قلت
لحميد بن عبد الحميد الطّوسي: يا أبا غانم، إني قد مدحت أمير المؤمنين بمدح لا
يحسن مثله أحد من أهل الأرض، فاذكرني له. قال: فأنشدني، فأنشدته. قال: أشهد أنك
صادق، ما يحسن أحد أن يقول هكذا. و أخذ المديح فأدخله إلى المأمون، فقال له: يا
حميد، الجواب في هذا واضح، إن شاء عفونا عنه و جعلنا ذلك ثوابا لمديحه، و إن شاء
جمعنا بين شعره فيك و في أبي دلف و بين شعره فينا، فإن كان الّذي قاله فيكما أجود
ضربنا ظهره، و أطلنا حبسه، و إن كان الّذي قاله أجود أعطيناه لكل بيت ألف درهم، و
إن شاء أقلناه فقلت له: يا سيدي و من أنا و من أبو دلف حتى يمدحنا بأجود من مديحك!
فقال: ليس هذا الكلام من الجواب في شيء، فاعرض ما قلت لك على الرجل. فقال: أفعل.
قال عليّ بن جبلة: فقال لي حميد: ما ترى؟ فقلت: الإقالة أحبّ إلي، فأخبر المأمون
بذلك. فقال: هو أعلم، ثم قال لي حميد: يا أبا الحسن أيّ شيء يعني من مدائحك لي و
لأبي دلف؟ فقلت: قولي فيك:
لو لا حميد لم يكن
حسب يعد و لا نسب
يا واحد العرب الّذي
عزّت بعزّته العرب
و قولي في أبي دلف:
/
إنما الدنيا أبو دلف
بين باديه و محتضره
فإذا ولّى أبو دلف
ولت الدنيا على أثره
قال: فأطرق حميد ثم قال:
لقد انتقد عليك أمير المؤمنين فأجاد، و أمر لي بعشرة آلاف درهم و خلعة و فرس و
خادم. و بلغ ذلك أبا دلف فأضعف لي العطية، و كان ذلك في ستر منهما، ما علم به أحد خوفا
من المأمون حتى حدثتك به يا أبا نزار.
يمسك عن زيارة أبي دلف
حياء لكثرة بره به:
أخبرني عليّ بن سليمان
قال: حدّثني محمد بن يزيد، قال: حدّثني عليّ بن القاسم قال: قال لي عليّ بن جبلة:
[1]
يكنى عن انتصاره الحاسم برد السيوف إلى
أغمادها، و السبايا إلى حجبها.