اشتاق
الرّشيد إلى عمّتي عليّة بالرّقّة، فكتب إلى خالها يزيد بن منصور في إخراجها إليه
فأخرجها. فقالت في طريقها:
صوت
اشرب و غنّ على صوت النّواعير
ما كنت أعرفها لو لا ابن منصور
لو لا الرجاء لمن أمّلت رؤيته
ما جزت بغداد في خوف و تغرير
و عملت فيه
لحنا في طريقة الثقيل الأوّل.
كانت مع
الرشيد في الري فحنت إلى العراق بشعر فردها:
أخبرني محمد بن
يحيى قال: حدّثني أحمد بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الهشاميّ أبو عبد اللّه قال:
لمّا خرج
الرّشيد إلى الرّيّ أخذ أخته عليّة معه. فلمّا صار بالمرج [1] عملت شعرا و صاغت
فيه لحنا في طريقة الرمل و غنّت به، و هو:
صوت
/
و مغترب بالمرج يبكي لشجوه
و قد غاب عنه المسعدون على الحبّ
إذا ما أتاه الرّكب من نحو أرضه
تنشّق يستشفي برائحة الرّكب
فلمّا سمع
الصّوت علم أنها قد اشتاقت إلى العراق و أهلها به فردّها.
غنت الرشيد
في يوم فطر:
و نسخت من كتاب
هارون بن محمد الزّيّات حدّثني بعض موالي أبي عيسى بن الرّشيد عن أبي عيسى: أن
عليّة غنّت الرّشيد في يوم فطر:
صوت
طالت عليّ ليالي الصّوم و اتّصلت
حتى لقد خلتها زادت على الأبد
شوقا إلى مجلس يزهى بصاحبه
أعيذه بجلال الواحد الصّمد
الغناء لعليّة
ثاني ثقيل لا يشكّ فيه، و ذكر بعض الناس أنه للواثق، و ذكر آخرون أنه لعبد اللّه
بن العبّاس الرّبيعي. و الصحيح أنه لعليّة. و فيه لعريب ثقيل أوّل غنّته المعتمد
يوم فطر فأمر لها بثلاثين ألف درهم.
ضربت و كيلها
سباعا و حبسته لخيانته فشفع فيه جيرانه فقالت شعرا:
و قال ميمون بن
هارون حدّثني أحمد بن يوسف أبو الجهم قال:
كان لعليّة
وكيل يقال له سباع، فوقفت على خيانته فضربته و حبسته، فاجتمع جيرانه إليها
فعرّفوها جميل مذهبه و كثرة صدقه، و كتبوا بذلك رقعة، فوقّعت فيها:
[1]
المرج: يريد به مرج القلعة، بينه و بين حلوان منزل إلى جهة همذان. كذا ذكر ياقوت
في «معجمه» و ذكر البيتين الواردين في هذه القصة.