صوت
تفديك أختك قد حبوت بنعمة
لسنا نعدّ لها الزمان عديلا
إلّا الخلود، و ذاك قربك سيّدي
لا زال قربك و البقاء [1] طويلا
و حمدت ربّي في إجابة دعوتي
فرأيت حمدي عند ذاك قليلا
و عملت فيه لحنا من وقتها في طريقة خفيف الرّمل، فأطرب الرّشيد و شرب عليه بقيّة يومه.
طلب الرشيد أختها و لم يطلبها فقالت شعرا و بعثت من غناه له فأحضرها:
قال: و قالت للرّشيد أيضا و قد طلب أختها و لم يطلبها.
ما لي نسيت و قد نودي بأصحابي
و كنت و الذّكر عندي رائح غادي
أنا التي لا أطيق الدّهر فرقتكم
فرقّ لي يا أخي من طول إبعاد
قال: و غنّت فيه لحنا من الثقيل الثاني، و بعثت من غنّاه للرشيد، فبعث فأحضرها.
حجت و تأخرت فتكدر الرشيد فنظمت شعرا و غنته فرضي عنها:
أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثني عون بن محمد قال حدّثني زرزور الكبير غلام جعفر بن موسى الهادي:
أنّ عليّة حجّت في أيّام الرّشيد، فلمّا انصرفت أقامت بطيزناباذ [2] أيّاما، فانتهى ذلك إلى الرشيد فغضب.
فقالت عليّة:
أيّ ذنب أذنبته أيّ ذنب
أي ذنب لو لا رجائي لربّي
بمقامي بطيزناباذ يوما
بعده ليلة على غير شرب
ثم باكرتها عقارا شمولا
تفتن النّاسك الحليم و تصبي
قرقفا قهوة تراها جهولا
ذات حلم فرّاجة كلّ كرب
قال: و صنعت في البيتين الأوّلين لحنا خفيف الثقيل، و في البيتين الأخيرين لحنا من/ الرّمل. فلمّا جاءت و سمع الشعر و اللحنين رضي عنها.
اشتاقها الرشيد و هو بالرقة فطلبها فجاءته و قالت شعرا و عملت فيه لحنا:
أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثني عبد اللّه بن المعتزّ قال حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم بن المهديّ قال:
[2] كذا في «معجم البلدان» لياقوت. و طيزناباذ: موضع بين الكوفة و القادسية، كان من أنزه المواضع محفوفا بالكروم و الشجر و الحانات و المعاصر، و كان من المواضع المقصودة للهو و البطالة. و في الأصول: «طيرتاباذ» و هو تحريف.