و أوجعي بالفهر [1] ركبتيها
و مرفقيها و اضربي جنبيها
/ و ظاهري النّذر لها عليها
لا تخبري الدّهر به ابنتيها
قال: فضحك هشام حتى بدت نواجذه و سقط على قفاه. فقال: ويحك! ما هذه وصيّة يعقوب ولده! فقال: و ما أن كيعقوب يا أمير المؤمنين. قال: فما قلت للثالثة؟ قال قلت:
أوصيك يا بنتي فإني ذاهب
أوصيك أن تحمدك القرائب
و الجار و الضيف الكريم السّاغب
لا يرجع المسكين و هو خائب
/ و لا تني أظفارك السّلاهب [2]
منهنّ في وجه الحماة كاتب
و الزوج إنّ الزوج بئس الصاحب
قال: فكيف قلت لها هذا و لم تتزوّج؟ و أيّ شيء قلت في تأخير تزويجها؟ قال قلت فيها:
كأنّ ظلّامة أخت شيبان
يتيمة و والداها حيّان
الرأس قمل كلّه و صئبان [3]
و ليس في الساقين إلّا خيطان
تلك التي يفزع منها الشيطان
قال: فضحك هشام حتى ضحك النساء لضحكه، و قال للخصيّ: كم بقي من نفقتك؟ قال: ثلاثمائة دينار.
قال: أعطه إيّاها ليجعلها في رجل ظلّامة مكان الخيطين.
كان أسرع الناس بديهة:
و قال الأصمعيّ أخبرني عمّي و أخبرني ببعض هذا الحديث ابن بنت أبي النّجم أنّ أبا النّجم قال:
الحمد للّه الوهوب المجزل
في قدر ما يمشي الإنسان من مسجد الأشياخ إلى حاتم الجزّار. و مقدار ما بينهما غلوة [4] أو نحوها.
قال: و كان أسرع الناس بديهة.
سئل الأصمعي أي الرجز أحسن و أجود فقال رجز أبي النجم:
أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أبو أيوب المدينيّ قال حدّثنا أبو الأسود النوجشاني [5] قال:
مرّ أبي بالأصمعي و أنا عنده فقال له: يا أبا سعيد أيّ الرّجز أحسن و أجود؟ قال: رجز أبي النّجم.
سأله هشام بن عبد الملك عن رأيه في النساء فأجابه:
[2] السلاهب: الطويلة.
[3] الصئبان: جمع صؤابة و هي بيضة القمل.
[4] الغلوة: رمية سهم أبعد ما يقدر عليه، و يقال: هي قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة.
[5] كذا في الأصول. و لم نقف على هذه النسبة فيما لدينا من كتب «الأنساب». و الظاهر أنها محرفة عن «النوشجاني» نسبة إلى نوشجان بلدة بفارس.