و قال
الشيخ: المستحب لمن لا يشتهي النكاح أن لا يتزوج، لقوله تعالى عن يحيى وَ
سَيِّداً وَ حَصُوراً[1] مدحه على كونه حصورا، و هو: الذي لا يشتهي
النساء، و قال قوم: هو الذي يمكنه أن يأتي النساء و لا يفعله[2].
و لأن في
النكاح تعريضا لتحمّل حقوق الزوجة، و الاشتغال عن كثير من المقاصد المهمّة
الدينية، و حصول الولد الصالح و الزوجة الصالحة غير معلوم، و للذم المتبادر من
قوله تعالى زُيِّنَ لِلنّٰاسِ حُبُّ الشَّهَوٰاتِ مِنَ النِّسٰاءِ وَ
الْبَنِينَ[3].
و جوابه: إن
مدح يحيى بذلك لعله لكونه كذلك في شرعه، و شرعهم ليس شرعا لنا، على أنه ربما كان
مكلّفا بالسياحة و إرشاد أهل زمانه في بلادهم، و النكاح ينافي ذلك، و تحمل الحقوق
يزيد في الأجر، لأنه حينئذ من لوازم الطاعة و مقتضياتها.
و يكفي
لأفضلية النكاح كونه مظنّة الولد الصالح و القرين الصالح، و الذم في الآية
الأخيرة- على إرادة النكاح لمحض الشهوة البهيمية، من دون إرادة الطاعة، و كسر سورة
الشهوة، و اكتساب الولد الصالح- لا ينافي المدّعى. و لا يخفى أن النكاح قد يجب،
إذا خشي المكلف الوقوع في الزنا بدونه، و لو أمكن التسري فهو أحد الواجبين على
التخيير، و قد يحرم إذا أفضى إلى الإخلال بواجب كالحج.
و ذهب ابن
حمزة إلى أنه إذا اجتمعت القدرة على النكاح و الشهوة، استحب للرجل و المرأة، و إن
فقدا معا كره، و إن افترقا لم يكره و لم يستحب[4].