مسألة: فإن تساووا في
الهجرة، إمّا لاقترانهما أو لعدمها عنهما، قدّم الأسنّ،
لحديث مالك،
و أبي عبيدة. و لأنّ الأسنّ أسبق إلى الإسلام. و لأنّه أولى بالتوقير و الإعظام.
و اعلم أنّ
الإسلام أشرف من الهجرة، فيقدّم المتقدّم به مع التساوي، و هل هو أولى من الهجرة؟
الأقرب لا، لورود النصّ على الترتيب. فإن تساووا في ذلك كلّه، قدّم الأشرف نسبا،
ذكره الجمهور[3]. و المراد بالنسب تقديم بني هاشم على غيرهم من قريش، و
تقديم بني عبد المطّلب على غيرهم من بني هاشم، و تقديم قريش على غيرهم.
و قال بعض
أصحابنا: الهاشميّ أولى من غيره بالإمامة[4]. فإن تساووا قال
الشيخان:
يرجّح
بالأصبح وجها[5]، و جعله المرتضى[6]، و ابن إدريس رواية[7]، و هو قول
بعض الشافعيّة[8]، إلّا أنّهم فسّروه تارة بالأحسن وجها كما هو المتعارف،
و تارة بالأحسن ذكرا بين الناس. فإن تساووا في ذلك كلّه، قدّم الأتقى و الأورع،
لقوله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ[9] و لأنّه
أقرب إلى الإجابة فكان أفضل من غيره. و لما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى
اللّٰه عليه و آله أنّه قال: «إذا أمّ القوم و فيهم من هو خير منه لم يزالوا