و لأنّ المقتضي
للتنجيس إنّما هو اتصال الرطوبات به فإذا زالت الرطوبة بالدبغ كان طاهرا.
و الجواب:
المنع من صحة سند الحديث، و التأويل بإطلاق الميتة على ما مات بالتذكية، و
المعارضة بما رويناه فيبقى غيره من الأحاديث سليما عن المعارض، و منه ما روى عبد
الرحمن بن الحجاج، عن الصادق عليه السلام قلت: اشتري الفراء من سوق المسلمين
فيقول: صاحبها هي ذكيّة هل يصلح أن أبيعها على انّها ذكيّة؟ فقال: لا، قلت: و ما
أفسد ذلك؟ قال: استحلال أهل العراق الميتة، و زعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته.
ثمَّ لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله[2].
و قد بيّنا أن
المقتضي للتنجيس هو الموت دون اتصال الرطوبات به، لأنّ الموت يعرض الجثة للنتن و
التغيرات التي يقبح معها الممازجة و تحسن المجانبة و ذلك يناسب التنجيس قضاء
للعادة من تقرير الناس على محاسن الأخلاق، و لأنّ الدوران يقتضي استناد التنجيس
إلى الموت.
مسألة: جلد
ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في حياته كالسباع
يطهر بالتذكية،
و يجوز استعماله قبل الدبغ على كراهيّة. و قال الشيخ[3]، و السيد
المرتضى رحمهما اللّه تعالى: لا يجوز استعماله قبل الدبغ[4].
لنا: انه مذكى
و إلّا لكان ميتة فلا يطهر بالدباغ، و الثاني باطل عندهما فيتعين الأوّل، و
التذكية مطهرة.
[1]
تهذيب الاحكام: ج 9، ص 78، ح 332. مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
[2] تهذيب الاحكام:
ج 2، ص 204، ح 798 مع اختلاف يسير.