نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 285
و لقائل أن يقول: كيف يكون المبدأ مضادا[1]للمنتهى، و مبدأ الحركة و منتهاها قد يكونان[2]فى جسم واحد، و الأضداد لا تجتمع فى جسم واحد.
فيقال له: الأضداد قد تجتمع فى جسم واحد[3]، إذا كان الجسم ليس موضوعها[4]الأول القريب، إنما لا تجتمع الأضداد معا فى الموضوع الأول القريب، و
موضوع المبدئية[5]و المنتهائية[6]ليس
هو الجسم، بل هو الطرف، و لا يجتمع[7]فى
طرف بالفعل أن يكون مبدأ حركة مستقيمة واحدة بالاتصال و منتهاها، و هذا كما قد
يجتمع فى جسم واحد أشياء متقابلة. و إن كان بغير التضاد، كجسم يوجد فيه خط محدب و
خط مقعر، و ما أشبه ذلك.
و الذي ظن أن الحركات المستقيمة ليست أولى بأن تتضاد، من أن تضادها[8]المستديرة، إذا الطريق و المسافة فى المتضادات[9]المستقيمة واحدة، فقد سها[10]سهوا
عظيما، و كان يلزم[11]أن يقول السواد و البياض ليسا بمتضادين، لأن موضوعهما واحد. و لو كان
شرط التضاد[12]أن لا يكون للضدين أمر مشترك، لما اجتمع الضدان فى جنس واحد، و لما[13]كان موضوعهما واحدا بالحقيقة، فإن التضاد هو اختلاف فى طريق واحد على
غاية ما يمكن و لا نشك[14]أن
التسود ضد التبيض، و الطريق بينهما هو الوسائط، و هو واحد، لكن السلوكين
المتقابلين فيه هما[15]على غاية الخلاف.
و إذ قد بينا هذه الأصول، فلنرجع إلى غرضنا من تبيين[16]أن الحركة المستديرة لا تضاد المستقيمة، فنقول[17]إن كان بينهما تضاد، فإما أن يكون ذلك التضاد لأجل الاستدارة و
الاستقامة أو لا يكون، فإن كان لأجل الاستقامة و الاستدارة كانت الاستقامة و
الاستدارة متضادتين، لأن الشيء الذي به الاختلاف بين الأضداد المتفقة فى الجنس
متضاد، لكن الاستدارة و الاستقامة كما قيل[18]ليس موضوعهما القريب واحدا، و لا شيء من الموضوعات يجوز أن يستحيل
من الاستدارة إلى الاستقامة إلا بفساده على ما قلنا، فليسا بضدين فليسا بسببى تضاد
الحركات، بل ليس ما فيه الحركة هو السبب لتضاد الحركات، فإن[19]لم يكن تضادهما[20]لما
فيه بقى أن يكون للأطراف، و لو كان مضادة[21]المستديرة لغيرها بسبب الأطراف، لكانت الحركة الواحدة بعينها تضادها
حركات لا نهاية لها مختلفة، لأنه