نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 182
و أما المتصل فإنه لفظ مشترك يقال على معان ثلاثة ذكرناها فى[1]مواضع: اثنان منها تقال للشيء بالقياس إلى غيره، و واحد يقال للشيء
فى نفسه لا بالقياس إلى غيره: فأما أحد الاثنين فإنه يقال للمقدار أنه متصل بغيره،
إذا كان طرفه و طرف غيره واحد، فيجب أن يكون كل واحد من المتصل و المتصل به محصلا
بالفعل، إما مطلقا و إما بالعرض. فإن كان مطلقا و فى الوجود نفسه، كان له طرف مطلق
فى الوجود نفسه، كأحد خطى الزاوية، فإنه متصل بالآخر لأنه خط موجود بالفعل غير
الآخر و له طرف بالفعل، لكنه بعينه طرف الخط الآخر، و أما الذي بالعرض، فمنه ما
يكون بالفرض[2]، فكما[3]يعرض إذا توهمنا أو فرضنا الخط الواحد بالفعل ذا جزءين و ميزنا
أحدهما عن الآخر[4]بالفرض فيميز بذلك له طرف، هو[5]بعينه طرف القسم الآخر، فيقال لكل واحد منهما أنه متصل بالآخر. و
إنما يكون كل واحد منهما موجودا بعينه ما دام الفرض، فإذا زال الفرض لم يكن ذاك[6]و لا هذا بل كان الواحد[7]الكل
و لا قسمة فيه بالفعل. و لو كان ما يقع بالفرض موجودا فى نفس الأمر، و لو لم يفرض
لم يمتنع وجود أجزاء بالفعل لا نهاية لها فى الجسم، على ما سنبين، و هذا محال. و
بالجملة أيضا[8]إنما يكون فى[9]أجزاء
المتصل شيء هو هذا باتجاه الإشارة بعد الفرض إليه على نحو. و كذلك ذاك إنما يكون
ذاك[10]لاتجاه إشارة على نحو آخر[11]من
الفرض إليه، و هذا هذا و ذاك ذاك[12]من
حيث الإشارتان[13]متجهتان إليه، فإن بطلتا فمحال أن يقال إن هذا[14]و ذاك باقيان من حيث هما هذا و ذاك، اللهم إلا أن يفرض[15]سبب آخر مميز، و أما ما كان يعرض بالفرض[16]فيبطل بزوال الفرض[17]. و
المتصل لا جزء له بالفعل، كما يظهر من بعد، فيكون حدوث جزء له هو هذا و جزء له هو
ذاك، من غير أن كان قبل موجودا بالفعل[18]، و هو[19]أمر يتبع الإشارة. و إذا زالت الإشارة لم يبق معلول الإشارة، فمحال
أن يقال بعد ذلك إنه و إن بطلت الإشارة فلا بدّ من تميز[20]ذاك[21]من هذا، فإن كون هذا و ذاك فيها إنما هو بالإشارة فيكون كأنه قيل[22]: إن بطلت[23]الإشارة
فلا بدّ من أن تكون إشارة، و ليس الحال فى أجزاء المتصل كالحال فى أجزاء الأشياء
الأخرى[24]المنفصل بعضها من بعض موجودا بالفعل، فإن الإشارة هناك تدل