نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 67
من التعرّض للتّهم فقال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: «اتّقوا مواضع التّهم»[1]حتّى أنّ رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم كان معتكفا فأتيته فتحدّثت عنده فلمّا أمسيت انصرفت فقام
يمشي معي فمرّ به رجلان من الأنصار فسلّما ثمّ مضيا فدعاهما فقال: إنّها صفيّة بنت
حييّ، قالا يا رسول اللّه أ فنظنّ بك إلّا خيرا؟! قال: إنّ الشّيطان ليجري من بني
آدم مجرى الدّم و إنّي خشيت أن يدخل عليكما»[1] فانظر كيف
أشفق على دينهما فحرسهما و كيف أشفق على أمّته فعلّمهم طريق الاحتراز من التّهمة
حتّى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدّين في أحواله فيقول: مثلي لا يظنّ به
إلّا الخير إعجابا منه بنفسه فإنّ أورع الناس و أتقاهم و أعلمهم لا ينظر النّاس
كلّهم إليه بعين واحدة بل بعين الرّضا بعضهم و بعين السخط بعضهم.
و عين
الرّضا عن كلّ عيب كليلة
و لكنّ عين
السّخط تبدي المساويا
فيجب الاحتراز عن السّوء و عن تهمة الأشرار
فإنّ الأشرار لا يظنّون بالناس كلّهم إلّا الشرّ فمهما رأيت إنسانا يسيء الظنّ
بالناس طالبا للعيوب فاعلم أنّه خبيث في الباطن و أنّ ذلك خبثه يترشّح منه، و
إنّما يرى غيره من حيث هو، فإنّ المؤمن يطلب المعاذير، و المنافق يطلب العيوب، و
المؤمن سليم القلب في حقّ كافّة الخلق فهذه بعض مداخل الشيطان إلى القلب و لو أردت
استقصاء جميعها لم أقدر عليه و في هذا القدر ما ينبّه على غيره، فليس في الآدمي
صفة مذمومة إلّا و هي سلاح للشيطان و مدخل من مداخله.
(فصل) فإن قلت: فما العلاج في دفع الشيطان
و هل يكفي ذكر اللّه تعالى و قول الإنسان
«لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم»؟ فاعلم أنّ علاج ذلك سدّ هذه
المداخل
[1] ذكره المولى على القاري في الموضوعات
الكبير ص 24، و قال: هو في معنى قول عمر «من سلك مسالك التهم اتهم» رواه الخرائطي
في مكارم الأخلاق عن عمر موقوفا بلفظ «من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء
به الظن».