نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 66
ابن مسعود: قعد قوم يذكرون اللّه، فأتاهم
الشيطان ليقيمهم من مجلسهم فيفرّق بينهم فلم يستطع، فأتى رفقة أخرى يتحدّثون بحديث
الدّنيا فأفسد بينهم فقاموا يقتلون و ليس إيّاهم يريد فقام الّذين يذكرون اللّه
تعالى و اشتغلوا بهم يفصلون بينهم فتفرّقوا عن مجلسهم و ذلك مراد الشيطان منهم.
و من أبوابه العظيمة حمل العوام و الّذين لم
يمارسوا العلم و لم يتبحّروا فيه على التفكّر في ذات اللّه و صفاته
و في أمور لا يبلغها حدّ عقولهم حتّى
يشكّكهم بذلك في أصل الدّين أو يخيّل إليهم في اللّه خيالا يتعالى اللّه عنه فيصير
به كافرا أو مبتدعا و هو به فرح مسرور متبجّح بما وقع في صدره يظنّ أنّ ذلك هو
المعرفة و البصيرة و أنّه انكشف له ذلك بذكائه و زيادة عقله، و أشدّ الناس حماقة
أقواهم اعتقادا في عقل نفسه، و أثبت النّاس عقلا أشدّهم اتّهاما لنفسه و ظنّه، و
أحرصهم على السؤال من العلماء، روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
قال: «إنّ الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلقك؟ فيقول: اللّه تبارك و تعالى، فيقول:
فمن خلق اللّه تعالى؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت باللّه تعالى و برسله، فإنّ
ذلك يذهب عنه»[1] فالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يأمر في علاج
هذا الوسواس بالبحث فإنّ هذا وسواس يجده عوام النّاس دون العلماء، و إنّما حقّ
العوام أن يؤمنوا و يسلموا و يشتغلوا بعباداتهم و بمعايشهم و يتركوا العلم إلى
العلماء فالعاميّ لو زنى أو سرق كان خيرا له من أن يتكلّم في العلم فإنّه من تكلّم
من غير إتقان العلم في اللّه و في دينه وقع في الكفر من حيث لا يدري، كمن يركب
لجّة البحر و هو لا يعرف السباحة. و مكايد الشيطان فيما يتعلّق بالعقائد و المذاهب
لا حصر لها، و إنّما قصدنا بما أوردناه المثال.
و من أبوابه سوء الظنّ بالمسلمين
و لذلك قال اللّه تعالى:
اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ و من حكم
بشرّ على غيره بالظنّ بعثه الشّيطان على أن يطول فيه اللّسان بالغيبة فيهلك أو
يقصر في القيام بحقوقه أو يتوانى في إكرامه أو ينظر إليه بعين الاحتقار و يرى نفسه
خيرا منه و كلّ ذلك من المهلكات و لأجل ذلك منع الشّرع
[1] أخرجه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان
بسند حسن كما في الجامع الصغير.
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 66