نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 56
مسعود: شيطان المؤمن مهزول. و قال قيس بن
الحجّاج: قال لي شيطاني: دخلت فيك و أنا مثل الجزور، و أنا الآن مثل العصفور،
فقلت: و لم ذاك؟ قال:
تذيبني بكتاب اللّه، و أهل التقوى لا يتعذّر
عليهم ترصّد أبواب الشيطان و حفظها بالحراسة أعني الأبواب الظاهرة و الطرق الجليّة
الّتي تفضي إلى المعاصي الظاهرة، و إنّما يتعثّرون في طرقه الغامضة فإنّهم لا
يهتدون إليها ليحرسونها كما أشرنا إليه في غرور العلماء و الوعّاظ، و المشكل أنّ
الأبواب المفتوحة إلى القلب للشيطان كثيرة، و باب الملائكة باب واحد و قد التبس
ذلك الباب الواحد بهذا الكثير فالعبد فيه مثاله مثال المسافر الّذي يبقى[1] في بادية
كثيرة الطرق، غامضة المسالك، في ليلة مظلمة، فلا يكاد يفلح إلّا بعين بصيرة و طلوع
شمس مشرقة، فالعين البصيرة هاهنا هو القلب المصفّى بالتقوى و الشمس المشرقة هو
العلم الغزير المستفاد من كتاب اللّه تعالى و من سنّة رسوله صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم فبهما يهتدي إلى غوامض طرقه، و إلّا فطرقه كثيرة غامضة، قال عبد اللّه بن
مسعود: «خطّ لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوما خطّا فقال: هذا
سبيل اللّه ثمّ خطّ خطوطا عن يمين الخطّ و عن شماله، فقال: هذه سبل الشيطان على
كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثمّ تلا هذه الآية وَ أَنَّ هذا
صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ[2] يعني تلك الخطوط، فبيّن صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم كثرة طرقه.
و قد ذكرنا مثالا للطريق الغامض من طرقه و
هو الّذي يخدع به العلماء و العبّاد المالكين لشهواتهم الكافّين عن المعاصي
الظاهرة فلنذكر مثالا لطريقه الواضح الّذي لا يخفى إلّا أن يضطرّ الآدمي إلى
سلوكه، و ذلك كما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «كان راهب
في بني إسرائيل فعمد الشيطان إلى جارية فخنقها و ألقى في قلوب أهلها أنّ دواءها
عند الرّاهب فاتي بها الرّاهب، فأبى أن يقبلها فلم يزالوا به حتّى
[2] الآية في سورة الانعام: 153، و الخبر
رواه أحمد، و عبد بن حميد، و النسائي، و البزار، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و
أبو الشيخ، و ابن مردويه، و الحاكم و صححه عن ابن مسعود كما في الدر المنثور ج 3 ص
55 و 56.
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 56