نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 57
قبلها، فكانت عنده ليعالجها فأتاه الشيطان
فوسوس إليه و زيّن له مقاربتها فلم يزل به حتّى واقعها فحبلت منه فوسوس إليه فقال:
الآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها فإن أتاك أهلها فقل ماتت، فقتلها و دفنها فأتى
الشيطان أهلها فوسوس إليهم و ألقى في قلوبهم أنّه أحبلها ثم قتلها و دفنها، فأتاه
أهلها فسألوه عنها، فقال: ماتت فألقى إليهم الشيطان أنّها مدفونة عنده، ففتّشوا
فوحدوها مقتولة فأخذوه فأتاه الشيطان فقال: أنا الّذي أخذتها و أنا الّذي ألقيت في
قلوب أهلها فأطعني تنج و أخلّصك منهم، فقال: بما ذا؟ قال: اسجد لي سجدتين فسجد له
سجدتين فقال له الشيطان:
إنّي بريء منك، و هو الّذي قال اللّه تعالى
فيه: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا
كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ[1].
فانظر الآن إلى حيلته و اضطراره الرّاهب إلى
هذه الكبائر و كلّ ذلك لطاعته له في قبول الجارية للمعالجة و هو أمر هيّن و ربّما
يظنّ صاحبه أنّه خير و حسنة فيحسن ذلك في قلبه بخفيّ الهوى فيقدّم عليه كالرّاغب
في الخير فيخرج الأمر بعد ذلك عن اختياره و يجرّه البعض إلى البعض بحيث لا يجد
محيصا، فنعوذ باللّه من تضييع أوائل الأمور و إليه الإشارة بقوله صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم: «من حام حول الحمى يوشك إن يقع فيه»[2].
(بيان تفصيل مداخل الشيطان إلى القلب)
اعلم أنّ القلب مثاله مثال حصن و الشيطان
عدوّ يريد أن يدخل الحصن و يملكه و يستولي عليه و لا يقدر على حفظ الحصن عن العدوّ
إلّا بحراسة أبواب الحصن و مداخله و مواضع ثلمة و لا يقدر على حراسة أبواب الحصن
عن العدوّ من لا يعرف
[1] الآية في سورة الحشر: 16، و الخبر رواه
ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس كما في الدر المنثور ج 6 ص 199.
[2] رواه البخاري بلفظ «من يرتع حول الحمى
يوشك ان يوقعه» عن النعمان ابن بشير و نقله الشريف الرضي في المجازات النبوية ص 81
مع بيانه هكذا «فمن ارتع حول الحمى كان قمنا ان يرتع فيه».
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 57