نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 305
و جهلا حتّى تميل النفس إليه و تستحسنه و قد
يتأكّد ذلك بحكاية شدّة الغضب من الأكابر في معرض المدح بالشجاعة و النفوس مائلة
إلى التشبّه بالأكابر و يهيج الغضب في القلب بسببه، و تسمية هذا عزّة نفس و شجاعة
جهل محض بل هو مرض قلب و نقصان عقل و هو لضعف النفس و نقصانها و آية أنّه لضعف
النفس أنّ المريض أسرع غضبا من الصحيح، و المرأة أسرع غضبا من الرّجل، و الصبيّ
أسرع غضبا من الكبير، و الشيخ الضعيف أسرع غضبا من الكهل و ذو الخلق السيّئ و
الرّذايل القبيحة أسرع غضبا من صاحب الفضائل فالرّذل يغضب لشهوته إذا فاتته
اللّقمة و لبخله إذا فاتته الحبّة حتّى يغضب على أهله و ولده و أصحابه، بل القويّ
من يملك نفسه عند الغضب كما قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ليس الشديد
بالصّرعة إنّما الشديد الّذي يملك نفسه عند الغضب»[1] بل ينبغي
أن يعالج هذا الجاهل بأن يتلى عليه حكايات أهل الحلم و العفو و ما استحسن منهم من كظم
الغيظ، فإنّ ذلك منقول عن الأنبياء و الحكماء و العلماء و أكابر الملوك و الفضلاء
و ضدّ ذلك منقول عن الأتراك و الأكراد و الجهلة و الأغبياء الّذين لا عقل لهم و لا
فضل.
(بيان علاج الغضب بعد هيجانه)
اعلم أنّ ما ذكرناه حسم لموادّ الغضب و قطع
لأسبابه حتّى لا يهيج فإذا جرى سبب هيجانه فعنده يجب التثبّت حتّى لا يضطرّ صاحبه
إلى العمل به على الوجه المذموم و إنّما يعالج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم و
العمل.
أما العلم
فهو ستّة أمور: الأوّل أن يتفكّر في الأخبار
الّتي سنوردها في فضل كظم الغيظ و العفو و الحلم و الاحتمال فيرغب في ثوابه فتمنعه
شدّة الحرص على ثواب الكظم عن التشفّي و الانتقام و ينطفي عنه غيظه، غضب بعضهم على
رجل فقال الرّجل: «خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ
الْجاهِلِينَ» فخلّى عنه.
الثاني أن يخوّف نفسه بعقاب اللّه و هو أن
يقول: قدرة اللّه عليّ أعظم من قدرته على هذا الإنسان فلو أمضيت غضبي عليه بم آمن
أن يمضي اللّه غضبه عليّ