نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 304
و يهون دفعه.
(بيان الأسباب المهيّجة للغضب)
قد عرفت أنّ علاج كلّ علّة بحسم مادّتها و
إزالة أسبابها، فلا بدّ من معرفة أسباب الغضب و قد قال يحيى لعيسى عليهما السّلام:
أيّ شيء أشدّ؟ قال عيسى: الكبر و الفخر و التعزّز و الحميّة، و الأسباب المهيّجة
للغضب هي الزهو و العجب و المزاح و الهزل و الهزء و التعيير و المماراة و المضادّة
و الغدر و شدّة الحرص على فضول المال و الجاه و هي بأجمعها أخلاق رديّة مذمومة
شرعا و لا خلاص من الغضب مع بقاء هذه الأسباب فلا بدّ من إزالة هذه الأسباب
بأضدادها فينبغي أن تميت الزّهو بالتواضع و تميت العجب بالمعرفة بنفسك كما سيأتي
في كتاب الكبر و العجب و تزيل الفخر بأنّك من جنس عبدك إذ الناس يجمعهم في
الانتساب أب و إنّما اختلفوا بالفضل أشتاتا فبنو آدم جنس واحد و إنّما الفخر
بالفضائل و الفخر و العجب أكبر الرذائل و هما رأسها و أصلها فإذا لم تخل عنها فلا
فضل لك على غيرك فلا تفتخر و أنت من جنس عبدك من حيث البنية و النسب و الأعضاء
الظاهرة و الباطنة، و أمّا المزاح فتزيله بالتشاغل بالمهمّات الدّينية الّتي
تستوعب العمر و تفضل عنه إذا عرفتها، و أمّا الهزل فتزيله بالجدّ في طلب الفضائل و
الأخلاق الحسنة و العلوم الدّينيّة الّتي تبلغك إلى سعادة الآخرة، و أمّا الهزء
فتزيله بالتكرّم عن إيذاء الناس، و بصيانة النفس عن أن يستهزئ بك، و أمّا التعيير
فبالحذر عن القول القبيح و صيانة النفس عن مرّ الجواب، و أمّا شدّة الحرص على
مزايا العيش فيزال بالقناعة بقدر الضرورة طلبا لعزّ الاستغناء و ترفّعا عن ذلّ
الحاجة، و كلّ خلق من هذه الأخلاق و صفة من هذه الصفات يفتقر في علاجها إلى رياضة
و تحمّل مشقّه و حاصل رياضتها يرجع إلى معرفة غوائلها لترغب النفس عنها و تنفّر عن
قبحها ثمّ المواظبة على مباشرة أضدادها مدّة مديدة حتّى تصير بالعادة مألوفة هيّنة
على النفس، فإذا انمحت عن النفس فقد زكت و طهرت عن هذه الرّذائل و تخلّصت أيضا عن
الغضب الّذي يتولّد منها، و من أشدّ البواعث للغضب عند أكثر الجهّال تسميتهم الغضب
شجاعة و رجوليّة و عزّ نفس و كبر همّة و تلقّبه بالألقاب المحمودة غباوة
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 304