responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 173

لا يتعاطاه هو بنفسه فيأمره بالجوع و هو لا يجوع و يمنعه الفواكه و الشهوات و قد لا يمتنع هو منها، لأنّه قد فرغ عن تأديب نفسه فاستغنى عن التعذيب، و لمّا كان أغلب أحوال النفس الشره و الشهوة و الامتناع عن العبادة كان الأصلح لها الجوع الّذي تحسّ بألمه في أكثر الأحوال لتنكسر، و المقصود أن تنكسر حتّى تعتدل، فتردّ بعد ذلك في الغذاء أيضا إلى الاعتدال، و إنّما يمتنع عن ملازمة الجوع من سالكي طريق الآخرة إمّا صدّيق و إمّا مغرور أحمق، أمّا الصدّيق فلاستقامة نفسه على الصراط المستقيم و استغنائه عن أن يساق بسياط الجوع إلى الحقّ، و أمّا المغرور فلظنّه بنفسه أنّه الصدّيق المستغني عن تأديب نفسه، الظّان بنفسه خيرا، و هذا غرور عظيم و هو الغالب، فإنّ النفس قلّما تتأدّب تأدّبا كاملا، و كثيرا ما تغترّ، فينظر المغرور إلى الصدّيق و مسامحته نفسه في ذلك فيسامح نفسه كالمريض ينظر إلى من قد صحّ من مرضه فيتناول ما يتناوله و يظنّ بنفسه الصحّة حتّى يهلك و الّذي يدلّ على أنّ تقدير الطعام بمقدار يسير و وقت مخصوص و نوع مخصوص ليس مقصودا في نفسه و إنّما هو مجاهدة نفس متنائية عن الحقّ غير بالغة رتبة الكمال، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن له تقدير و تأقيت في طعامه، قالت عائشة: «كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصوم حتّى نقول: لا يفطر، و يفطر حتّى نقول: لا يصوم» [1].

و كان يدخل على أهله فيقول: «أ عندكم من شي‌ء فإن قالوا: نعم أكل و إن قالوا لا، قال: إنّي إذن أصوم، و قد كان يقدم إليه الشي‌ء فيقول: أما إنّي كنت أردت الصوم ثمّ يأكل» [2].

و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوما و قال: «إنّي صائم، فقالت له عائشة: قد أهدي إلينا حيس، فقال: كنت أردت الصوم و لكن قرّبيه» [3].

و قد كان معروف الكرخي يهدى إليه طيّبات الطعام فيأكل فيقال له: إنّ‌


[1] أخرجه مسلم ج 3 ص 162 و البخاري ج 3 ص 48.

[2] أخرجه أبو داود ج 1 ص 571 و الترمذي ج 3 ص 270.

[3] أخرجه مسلم ج 3 ص 159 من حديث عائشة.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست