responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 172

من حال بعضهم أنّه يصوم الدّهر كلّه و يقوم اللّيل كلّه نهى عنه، فإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الأفضل بالإضافة إلى الطبع المعتدل أن يأكل بحيث لا يحسّ بثقل المعدة و لا يحسّ بألم الجوع، بل ينسى بطنه فلا يؤثّر فيه الجوع أصلا فإنّ مقصود الأكل بقاء الحياة و قوّة العبادة، و ثقل المعدة يمنع من العبادة، و ألم الجوع أيضا يشغل القلب و يمنع منها، فالمقصود أن يأكل أكلا معتدلا بحيث لا يبقى للأكل فيه أثر ليكون متشبّها بالملائكة، فإنّهم مقدّسون عن ثقل الطعام و ألم الجوع، و غاية الإنسان الاقتداء بهم، و إذا لم يكن للإنسان خلاص من الشبع و الجوع فأبعد الأحوال عن الطّرفين الوسط و هو الاعتدال.

و مثال طلب الآدميّ البعد عن هذه الأطراف المتقابلة بالرجوع إلى الوسط مثال نملة ألقيت في وسط حلقة محماة على النار، مطروحة على الأرض، فإنّ النملة تهرب من حرارة الحلقة و هي محيطة بها لا تقدر على الخروج فلا تزال تهرب حتّى تستقرّ على المركز الّذي هو الوسط و لو ماتت ماتت على الوسط لأنّ الوسط هو أبعد المواضع عن الحرارة الّتي في الحلقة المحيطة، فكذلك الشهوات محيطة بالإنسان إحاطة تلك الحلقة بالنملة و الملائكة خارجون عن تلك الحلقة و لا مطمع للإنسان في الخروج و هو يريد أن يتشبّه بالملائكة في الخلاص فأشبه أحواله بهم البعد و أبعد المواضع عن الأطراف الوسط فصار الوسط مطلوبا في جميع هذه الأحوال المتقابلة، و عنه عبّر بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «خير الأمور أوساطها» [1] و إليه إشارة بقوله تعالى:

كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا و مهما لم يحسّ الإنسان بجوع و لا شبع تيسّرت له العبادة و الفكر و خفّ في نفسه و قوي على العمل مع خفّته، و لكن هذا بعد اعتدال الطبع أمّا في بداية الأمر إذا كانت النّفس جموحا، متشوّقة إلى الشهوات، مائلة إلى الإفراط فالاعتدال لا ينفعها بل لا بدّ من المبالغة في إيلامها بالجوع كما يبالغ في إيلام الدّابة الّتي ليست مروضة بالجوع و الضرب و غيره إلى أن تعتدل، فإذا ارتاضت و استوت و رجعت إلى الاعتدال ترك تعذيبها و إيلامها و لأجل هذا السرّ يأمر الشيخ مريده بما


[1] أخرجه البيهقي في الشعب مرسلا و قد تقدم.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست