نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 174
أخاك بشرا لا يأكل من هذا، فيقول: أخي بشرا
قبضه الورع، و أنا بسطتني المعرفة، ثمّ قال: إنّما أنا ضيف في دار مولاي إذا
أطعمني أكلت و إذا جوّعني صبرت، مالي و للاعتراض و التمييز.
و دفع إبراهيم بن أدهم إلى بعض إخوانه دراهم
فقال خذلنا بهذه زبدا و عسلا و خبزا حواريا، فقال: يا أبا إسحاق بهذا كلّه، فقال:
ويحك إذا وجدنا أكلنا أكل الرّجال و إذا عدمنا صبرنا صبر الرّجال. و أصلح ذات يوم
طعاما كثيرا و دعا نفرا يسيرا، فقيل له: أما تخاف أن يكون هذا إسرافا؟ فقال: ليس
في الطعام إسراف إنّما الإسراف في الثياب و الأثاث. فالبصير بأسرار المعرفة يعلم
أنّ كلّ ذلك حقّ و لكن بالإضافة إلى اختلاف الأحوال.
(بيان آفة الرياء المتطرّق إلى من يترك أكل
الشهوات أو يقلل الأكل)
أعلم أنّه يدخل على تارك الشهوات آفتان
عظيمتان، هما أعظم من أكل الشهوات: إحداهما أن لا تقدر النفس على ترك بعض الشهوات
فتشتهيها و لكن لا يريد أن يعرف بأنّه يشتهيها فيخفى الشهوة و يأكل في الخلوة ما
لا يأكله في الجماعة و هذا هو الشرك الخفيّ و هذه آفة عظيمة، بل حقّ العبد إذا
ابتلي بالشهوات و حبّها أنّه يظهره فإنّ هذا صدق الحال و هو يدلّ على فوات
المجاهدة في الأعمال، فإنّ إخفاء النقص و إظهار ضدّه من الكمال هما نقصانان
متضاعفان و الكذب مع الإخفاء كذبان فيكون مستحقّا لمقتين و لا يرضى منه إلا
بتوبتين صادقتين، و لذلك شدّ اللّه أمر المنافقين فقال: إِنَّ
الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[1] لأنّ
الكافر كفر و أظهر و هذا كفر و ستر فكان ستره لكفره كفرا آخر لأنّه استخفّ بنظر
اللّه إلى قلبه و عظم أعين المخلوقين فمحا الكفر عن ظاهره و أثبته في باطنه،
فالعارفون يبتلون بالشهوات بل المعاصي و لا يبتلون بالرّياء و الغشّ و الإخفاء، بل
كمال العارف أن يترك الشهوات للَّه و يظهر من نفسه الشهوة إسقاطا لمنزلته من قلوب
الخلق و قد كان بعضهم يشترى