نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 3 صفحه : 178
و إنّما تعذّر هذا لأنّهم لا يقنعون بالربح
اليسير و ليس يسلم الكثير إلّا بتلبيس فمن تعوّد هذا لم يشتر المعيب، فإن وقع في
يده معيب نادرا فليذكره و ليقنع بقيمته.
باع ابن سيرين شاة فقال للمشتري: أبرأ إليك
من عيب فيها أنّها تقلب العلف برجلها.
و باع الحسن بن صالح جارية فقال للمشتري:
إنّها تنخّمت مرّة عندنا دما.
فهذه كانت سيرة أهل الدّين، فمن لا يقدر
عليه فليترك المعاملة أو ليوطّن نفسه على عذاب الآخرة.
الثالث أن لا يكتم في المقدار
و ذلك بتعديل الميزان و الاحتياط فيه و في
الكيل فينبغي أن يكيل كما يكتال، قال اللّه تعالى: «وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَ
إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ»[1] و لا يخلص
من هذا إلّا بأن يرجّح إذا أعطى و ينقص إذا أخذ، إذ العدل الحقيقي قلّما يتصوّر
فليستظهر بظهور الزيادة و النقصان، فإنّ من استقصى حقّه بكماله يوشك أن يتعدّاه، و
كان بعضهم يقول: لا أشتري الويل من اللّه بحبّة، و كان إذا أخذ نقص نصف حبّة، و
إذا أعطى غيره زاد نصف حبّة، و كان يقول: ويل لمن يبيع بحبّة جَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ، و ما أخسر من باع طوبى بويل، و إنّما
بالغوا في الاحتراز منه لأنّها لا يمكن التوبة منها إذ لا يعرف أصحاب الحبّات حتّى
يجتمعوا و يؤدّي حقوقهم، و لذلك لمّا اشترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم شيئا قال للوزّان لمّا كان يزن ثمنه: «زن و أرجح»[2] و قال
سليمان على نبيّنا و عليه السلام: كما يدخل الحيّة بين الحجرين كذلك يدخل الخطيئة
بين المتبايعين، و صلّى بعض الصالحين على مخنّث فقيل له: إنّه كان فاسقا فسكت
فأعيد عليه فقال: كأنّك قلت لي كان صاحب ميزانين يعطي بأحدهما و يأخذ بالاخرى أشار
به إلى أنّ فسقه مظلمة بينه و بين اللّه تعالى و هذا من مظالم العباد و المسامحة