قال أبو حامد: «فهكذا
كان أرباب القلوب يداوون قلوبهم و لا دواء من حيث الظاهر إلّا هذه الأعمال الدالّة
على التذلّل و التواضع و قبول المنّة و من حيث الباطن المعارف الّتي ذكرناها، هذا
من حيث العمل و ذلك من حيث العلم و لا تعالج القلب إلّا بمعجون العلم و العمل و
هذه الشريطة من الزكوات تجري مجرى الخشوع من الصلاة و ثبت ذلك بقوله صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «ليس للمرء من صلاته إلّا ما عقل منها»[2] و هذا بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا يقبل اللّه صدقة
منّان»[3] و بقوله تعالى: «لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى»[4] و أمّا فتوى الفقيه بوقوعها موقعها
و براءة ذمّته عنها دون هذا الشرط فحديث آخر و قد أشرنا إلى معناه في كتاب الصلاة.
الوظيفة السادسة أن
يستصغر العطيّة
فإنّه إن استعظمها أعجب
بها و العجب من المهلكات و هو محبط للأعمال، قال اللّه تعالى: «وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ
تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ
وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ»[5] و يقال: إنّ الطاعة كلّما استصغرت كبرت عند اللّه و المعصية كلّما
استعظمت صغرت عند اللّه، و قيل:
لا يتمّ المعروف إلّا بثلاث:
تصغيره و تعجيله و ستره».
(1) أقول: هذا ممّا رواه
في الفقيه[6] عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:
«رأيت المعروف لا يصلح إلّا بثلاث خصال: تصغيره و ستره و تعجيله، فإنّك إذا صغّرته
عظّمته عند من تصنعه إليه، و إذا سترته تمّمته، و إذا عجّلته هنّأته، و إن كان غير
ذلك محقته و نكدته».
قال أبو حامد: «و ليس
الاستعظام هو المنّ و الأذى فإنّه لو صرف ماله إلى عمارة مسجد أو رباط أمكن فيه
الاستعظام و لا يمكن المنّ و الأذى بل العجب و الاستعظام يجري في جميع العبادات، و
دواؤه علم و عمل أمّا العلم فهو أن يعلم أنّ العشر أو نصف-