نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 87
مودّتهم إيّاه فلا تلتمس
من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك و وقيت به عرضك و اعلم أنّ الطالب إليك الحاجة لم
يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن ردّه»[1].
قال أبو حامد: «فإن قلت:
فرؤيته نفسه في درجة المحسن أمر غامض فهل من علامة يمتحن به قلبه فيعرف به أنّه لم
ير نفسه محسنا؟ فاعلم أنّ له علامة دقيقة واضحة و هو أن يقدّر أنّ الفقير لو جنى
عليه جناية أو مالا عدوّا له[1]عليه مثلا هل كان يزيد استنكاره و استبعاده له
على استنكاره قبل التصدّق، فإن زاد فلم تخل صدقته عن شائبة المنّة لأنّه توقّع
بسببه ما لم يكن يتوقّعه قبل ذلك.
فإن قلت: فهذا أمر غامض
و لا ينفكّ قلب أحد عنه فما دواؤه؟ فاعلم أنّ له دواء باطنا و دواء ظاهرا:
أمّا الباطن فالمعرفة
بالحقائق الّتي ذكرناها في فهم الوجوب، و أنّ الفقير هو المحسن إليه في تطهيره
بالقبول، و أمّا الظاهر فالأعمال الّتي يتعاطاها متقلّد المنّة فإنّ الأفعال الّتي
تصدر عن الأخلاق تصبغ القلب بالأخلاق كما سيأتي أسراره في الشطر الأخير من الكتاب و
لهذا كان بعضهم يضع الصدقة بين يدي الفقير و يمثّل قائما بين يديه يسأله قبولها
حتّى يكون هو في صورة السائلين و هو يستشعر مع ذلك كراهية لو ردّه، و كان بعضهم
يبسط كفّه ليأخذ الفقير و يكون يد الفقير هي العليا، و كان بعضهم إذا أرسل معروفا
إلى فقير قال للرسول: احفظ ما يدعو به، ثمّ كان يردّ عليه مثل قوله: «و يقول: هذا
بذاك حتّى يخلص لي صدقتي، فكانوا لا يتعوّقون الدعاء لأنّه شبه المكافاة و كانوا
يقابلون الدعاء بمثله».
(1) أقول: و الظاهر من
طريقة أهل البيت عليه السّلام خلاف ذلك فقد روي «أنّ زين العابدين عليه السّلام
كان يقول للخادم: أمسكي قليلا حتّى يدعو فإنّ دعوة السائل الفقير لا تردّ» و «كان
عليه السّلام يأمر الخادم إذا أعطت السائل أن تأمره أن يدعو بالخير» و عن أحدهما
عليهما السّلام «إذا أعطيتموهم فلقّنوهم الدعاء فإنّهم يستجاب لهم فيكم و لا
يستجاب