و قوله: وددت أني سألت النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) عن هذا الأمر
فيمن هو. و كقبول علي الشورى، و كقوله لطلحة: إن أردت بايعتك، و كاحتجاجه على
معاوية بالبيعة له دون النص عليه. و كمعاضدته لأبي بكر و عمر في الأمور، و إشارته
عليهما بما هو أصلح، و كسكوته عن النص عليه في خطبه و كتبه. و مفاخراته، و
مخاطباته. و كإنكار زيد ابن علي مع علو رتبته ذلك، و كذا كثير من عظماء أهل
البيت).
ذهب جمهور أصحابنا و المعتزلة، و الخوارج، إلى ان النبي (صلى اللّه
عليه و سلّم) لم ينص على إمام بعده. و قيل: نص على أبي بكر (رضي اللّه تعالى عنه)
فقال الحسن البصري:[1]نصا خفيا، و هو تقديمه إياه في الصلاة. و قال بعض أصحاب الحديث: نصا
جليا، و هو ما روي أنه (عليه السلام) قال: ائتوني بدواة و قرطاس أكتب لأبي بكر
كتابا لا يختلف فيه اثنان، ثم قال: يأبى اللّه و المسلمون إلا أبا بكر[2]. و قيل: نص على علي (رضي اللّه تعالى عنه). و هو مذهب الشيعة. أما
النص الخفي، و هو الذي لا يعلم المراد منه بالضرورة فبالاتفاق، و أما النص الجلي
فعند الإمامية دون الزيدية، و هو قوله (صلى اللّه عليه و سلّم): سلموا عليه بإمرة
المؤمنين. و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم) مشيرا إليه و آخذا بيده هذا خليفتي فيكم
من بعدي، فاسمعوا له و أطيعوا و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم): أنت الخليفة من
بعدي. و قوله (صلى اللّه عليه و سلّم) و قد جمع بني عبد المطلب: أيكم يبايعني و
يؤازرني يكن أخي و وصيي و خليفتي من بعدي. فبايعه علي (رضي اللّه عنه) ثم استدل
أهل الحق بطريقين: أحدهما- أنه لو كان نص جلي ظاهر المراد في مثل هذا الأمر الخطير
المتعلق بمصالح الدين و الدنيا لعامة الخلق لتواتر و اشتهر فيما بين الصحابة، و
ظهر على أجلتهم الذين لهم زيادة قرب بالنبي (صلى اللّه عليه و سلّم) و اختصاص بهذا
الأمر بحكم العادة. و اللازم منتف. و إلا لم يتوقفوا عن الانقياد له و العمل
بموجبه. و لم يترددوا حين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لتعيين الإمام، و لم يقل
الأنصار: «مناأمير، و منكم أمير» و لم تمل طائفة إلى أبي بكر (رضي اللّه عنه) و
أخرى إلى علي (رضي اللّه عنه) و أخرى الى العباس
[1]هو الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد
تابعي، كان إمام أهل البصرة و حبر الأمة في زمانه، و هو أحد العلماء الفقهاء
الفصحاء الشجعان النساك، ولد بالمدينة عام 21 ه و توفي عام 110 ه أخباره كثيرة، و
له كلمات سائرة، و كتاب في فضائل مكة.
[2]هو الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد
تابعي، كان إمام أهل البصرة و حبر الأمة في زمانه، و هو أحد العلماء الفقهاء
الفصحاء الشجعان النساك، ولد بالمدينة عام 21 ه و توفي عام 110 ه أخباره كثيرة، و
له كلمات سائرة، و كتاب في فضائل مكة.