[المبحث الرابع هل النصب عليه السلام على امام بعينه و من هو؟]
قال: المبحث الرابع- (الجمهور على أنه (صلى اللّه عليه و سلّم) لم
ينص على إمام. و قيل: نص على أبي بكر (رضي اللّه تعالى عنه) نصا خفيا. و قيل:
جليا. و قالت الشيعة: على علي (كرم اللّه وجهه) خفيا.
و الإمامية منهم: جليا أيضا و رد بوجهين:
الأول- لو كان نص جلي في مثل هذا الأمر العلي لاشتهر و ظهر على أجلة الصحابة
الذين لهم زيادة قرب و اختصاص بالنبي (صلى اللّه عليه و سلّم) فلم يتوقفوا عن
الإذعان، و لم يترددوا حين اجتمعوا لهذا الشأن. و لم يختلفوا في التعيين، و لم
يشكوا في الحق اليقين. و القول بأنهم كتموه بغضا و حسدا، أو عنادا و لددا، أو
اعتمادا لنسخه حين لم يعمل المحقون على دفعه، و لم يتمسك به المستحق لإثبات حقه
افتراء و اجتراء و طعن في عظماء الأحياء، بل في خير الأنبياء، بل في الكتاب الناطق
لهم بالثناء.
و العاقل المنصف لا يظن بجماعة و صفهم اللّه تعالى بكونهم خير الأمم[1]و اتخذهم النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) أمناء شريعة، و هداة طريقة
مع علمه بحالهم و مآلهم، و اشتهر عدلهم و هداهم، و تركهم هواهم، و بذلهم الأموال و
الأنفس في محبته، و قتلهم الأقارب و العشائر لنصرته، و اتباع شريعته[2]أنهم خالفوه قبل أن يدفنوه، و عدلوا عن الحق، و خذلوه، و نصروا على
الباطل و أيدوه، و منعوا المستحق حقه و كتموه، و لم يقم هو بإظهاره و إعلانه مع
علو شأنه و كثرة أعوانه كما قام به من غير تبعية حين أفضى الأمر إليه، و أقام
الحجة و البرهان و السيف و السنان عليه. مع أن الخطب إذ ذاك أشد، و الخصم ألد، و المخالف
لا يحويه الحد، و لا يحصيه العد.
الثاني- أمارات ربما يفيد باجتماعها القطع بعدم النص، كقول العباس لعلي، و
عمر لأبي عبيدة: امدد يدك أبايعك، و قول أبي بكر: بايعوا عمر أو أبا عبيدة.