الكفاية فرض على الكل و يسقط بفعل البعض. نعم، إذا نصب لذلك أحد تعين
عليه، فيحتسب فيما يتعلق بحقوق اللّه تعالى من غير بحث و تجسس. و فيما يتعلق بحقوق
العباد لا على وجه العموم كمطل المديون الموسر، و تعدي الجار في جدار الجار، يحتسب
إذا استعداه صاحب الحق. و على العموم كتعطل شرب البلد. و انهدام سوره[1]و ترك أهله رعاية أبناء السبيل المحتاجين مع عدم المال في بيت المال،
يحتسب و يأمر على الإطلاق، و ينكر على من يغير هيئات العبادات، كالجهر في الصلاة
السرية و بالعكس، و على من يزيد في الأذان، و على من يتصدى للإفتاء أو التدريس أو
الوعظ و هو ليس من أهله، و على القضاة إذا حجبوا[2]الخصوم، أو قصروا في النظر في الخصومات، و على أئمة المساجد المطروقة
إذا طولوا في الصلاة. و بهذا يعلم أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقتصر
على الواجب و الحرام، و ينبغي أن يحتسب برفق و سكون، متدرجا إلى الأغلظ فالأغلظ،
بحسب حال المنكر. ذكر في المحيط[3]للحنفية
أن من رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق، و لا ينازعه إن لج، و في الفخذ ينكر
عليه بعنف و لا يضربه و إن لج، و في السوءة أدبه و إن لج قتله.
[الفصل الثالث في الأسماء و الأحكام]
قال: الفصل الثالث في الأسماء و الأحكام:
و فيه مباحث. هذه الترجمة شائعة في كلام المتقدمين، و يعنون بالأسماء
أسامي المكلفين في المدح، مثل المؤمن، و المسلم، و المتقي، و الصالح، و في الذم
مثل: الكافر، و الفاسق، و المنافق. و بالأحكام ما لكل منها في الآخرة من الثواب و
العقاب و كيفيتهما.
[المبحث الأول فى الايمان]
قال: المبحث الأول- الإيمان في اللغة: التصديق، إفعال من الأمن
للصيرورة أو التعدية.
(و يعدى بالباء و اللام لملاحظة معنى الاعتراف و الإذعان، و لما أن
مآله إلى أخذ الشيء صادقا، و الصدق مما يوصف به المتكلم، و الكلام و الحكم تعلق
بالشيء باعتبارات مختلفة مثل: آمنت باللّه و بالملائكة، و بالكتاب، و بالرسول، و
باليوم