فلا يمتنع حسن التكليف؛ لاختصاصه بالتّعظيم كما سبق.
كيف و أن ما ذكروه فمبنى على التحسين، و التقبيح العقلى؛ و هو باطل [1].
و إن سلمنا امتناع ثبوت الضرر للثّواب، و لكن ما المانع من أن لا يخلق الله- تعالى- لأهل الجنان العلم بانقطاع النّعيم؛ بل يلهيهم عن ذلك إلى حين انتهائه.
و على هذا فيكون نعيمهم خالصا عن شوب الكدر.
فلئن قالوا: النّعيم لا يتم دون كمال العقل. و العاقل لا يخلو عن خطور ذلك بعقله إذا كان جائزا.
قلنا: إذا كان خطور ذلك بعقله من مقدورات اللّه- تعالى- كما سبق، جاز أن لا يخلقه له.
و عن الحجة الثانية: ما سبق فى الوجه الأول من تقرير الحجة التى قبلها.
و عن الحجة الثالثة: ما المانع أن يكون الثّواب مقدورا بالأوقات.
قولهم: ليس تقديره ببعض الأوقات، دون البعض، أولى من العكس ممنوع.
قولهم: الأوقات متشابهة.
قلنا: إلا أنّ مقادير الأوقات غير متشابهة، فلا يلزم من تقدير الثّواب ببعض أعداد الأوقات تقديره بغيره.
و إن سلمنا جواز حصول الثّواب فى حالة واحدة فما المانع منه؟.
و ما ذكروه فى تقريره فإنّما يلزم بتقدير التّساوى فى مقدار المنفعة.
و ما المانع أن يكون مقدار منفعة الثّواب أكثر بأضعاف مضاعفة، و بتقدير التّساوى فإنما يمتنع حسن التكليف أن لو لم يختص بالتعظيم على ما تقدم.
و بتقدير أن لا يختص بما يوجب حسنه عقلا فما ذكروه مبنى على التحسين و التقبيح العقلى، و قد عرف إبطاله [2].
[1] راجع ما سبق فى الجزء الأول ل 174/ ب و ما بعدها. [2] راجع ما سبق فى الجزء الأول ل 174/ ب و ما بعدها.