نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 207
و
لهذا فإن العقلاء، و أهل العرف مجمعون على أن يكون الشخص ضعيفا، خاملا، محتقرا، فى
الأعين مهتضما فى النفوس، قليل الأتباع، و الأنصار مما يقلل الانقياد له، و الدخول
تحت حكمه، و الطاعة له. و مع ذلك فإنا أجمعنا على أنه لا يمتنع على النبي- صلى اللّه
عليه و سلم-؛ مع ظهور المعجزة على يده، أن يكون متصفا بمثل هذه الصفات؛ فكذلك فى المعاصى،
و لا سيما إن كان صدورها عنه عن سهو، أو خطأ فى التأويل، و أبلغ من ذلك أن تكون قد
صدرت عنه قبل الرسالة.
الشبهة
الثانية:
أنه
يلزم من صدور المعصية عن الرسول أمر ممتنع؛ فيمتنع. و بيان الملازمة من ستة أوجه:
الأول:
أنه يلزم أن يكون استحقاقه/ للعقاب، أشد من استحقاق غيره؛ لأن زيادة العقوبة على حسب
تفاحش المعصية على ما قال- تعالى-: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [1]. و
قوله- تعالى-: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها [2]. و قوله- تعالى-:
يا
نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ
ضِعْفَيْنِ [3]. و لأجل ذلك وجب الرجم على المحصن دون غيره، و كمل الحد فى حق الحر
دون العبد.
و
لا يخفى أن صدور المعصية عمن عظمت نعمة الله عليه، أفحش من صدورها عن غيره، و لا نعمة
أتم من نعمة النبوة، فكان صدور المعصية عن النبي أفحش من غيره، و القول بأن حال النبي-
عليه السلام- فى استحقاق العقاب فوق حال غيره من العصاة من أمته مخالف للإجماع.
الثانى:
أنه يلزم من صدور المعصية عنه أن يكون فاسقا، و يلزم من ذلك أن لا يكون مقبول الشهادة
لقوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
[4]. و من لا يكون مقبول الشهادة، يمتنع أن يكون مقبول القول فى الأديان؛ و ذلك محال.
[1]
سورة الشورى 42/ 40. [2]
سورة غافر 40/ 40. [3]
سورة الأحزاب 33/ 30. [4]
سورة الحجرات 49/ 6.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 207