قالوا:
لأنها لا تنكسف؛ و هو دور ممتنع. و لا يتحقق لهم فيه جواب؛ بل و لو قيل لهم: إن الكواكب
الثابتة فى فلك البروج، و كذلك زحل، و المشترى، و المريخ؛ نيرة بأنفسها؛ فلذلك لم تنكسف
بمخروط الظل فى وصوله إليها؛ لم يكن لهم جواب.
و
أما كسوف الشمس:
فزعموا:
أنه ستر القمر للشمس عن أبصارنا عند ما إذا اتفق جريان القمر فى الاجتماع على سمت جريان
الشمس، و الّذي تراه مظلما حال اللون، إنما هو القمر. و إلا فالشمس على نورها، و مقدار
الكسوف على حسب اختلاف مقابلة القمر للشمس و ستره لها. و لهذا لا [2] يعهد كسوف الشمس
[2] فى غير أيام الاجتماع، و المقاربة.
و
لو قيل لهم: كما أن القمر قد يقارن الشمس المقارنة السمتية؛ فكذلك الزهرة، و عطارد.
فما بالهما لا يحجبان الشمس عن أبصارنا فى وقت المقارنة و الاجتماع، كما فى القمر؛
لم يجدوا إلى الفرق سبيلا.
و
أيضا: فإنهم حكموا بانتخاس الشمس عند كسوفها، مع بقائها على حالها، فإن كان الانتخاس
إنما هو بانقطاع نورها عن عالمنا هذا، و بالحاجز بينها و بين أبصارنا؛ فيجب أن تكون
منتخسة مهما غربت؛ لتحقق هذا المعنى فيها؛ و ليس كذلك عندهم.
و
هذا أيضا: لا جواب لهم عنه، و يجب الاكتفاء بما نبهنا عليه من فساد أحكامهم، و بطلان
رسومهم، و إلا فخبطهم كثير، و هذيانهم طويل، لا يليق الاستقصاء فيه بمثل هذا الكتاب.