و أنه
لم يسأل أحداً عن شيء، فقال(عليه السلام): متى لبست قميصك؟ أبعد ما لبيت
أم قبل؟ قال: قبل أن أُلبي، قال: فأخرجه من رأسك، فإنه ليس عليك بدنة و ليس
عليك الحج من قابل، أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه»{1}.
و الجواب: أن المقام ليس من موارد حمل المطلق على المقيّد، و ذلك لأنّ خبر
عبد الصمد ليس في مقام بيان تصحيح عمله لكونه جاهلاً، و إنما هو في مقام
بيان أنه ليس عليه الكفّارة و في مقام نفي ما أفتوا به في حقّه و أنه لا
يجب عليه شيء مما ذكروه، و قد فصّل في الرواية بين اللبس قبل التلبية أو
بعدها و حكم(عليه السلام)بإخراج القميص من رأسه فيما إذا لبسه قبل التلبية و
هذا حكم تعبدي كما أنه يخرجه من رجليه إذا لبسه بعد ما أحرم كما في صحيحة
معاوية بن عمّار المتقدّمة.
فتحصل: أنه لا دليل على اشتراط لبس الثوبين في تحقق الإحرام بكلا المعنيين
لا بمعنى المتمم و لا بمعنى دخله في صحّة التلبية، و إنما المستفاد من
الأدلّة وجوب لبس الثوبين وجوباً مستقلا تعبديا.
و ربّما يقال: إن المستفاد من صحيحة أُخرى لمعاوية بن عمّار بطلان التلبية
إن لم يكن لابساً لثوبي الإحرام، فقد روى عن أبي عبد اللََّه(عليه
السلام)«قال: إن لبست ثوباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ و أعد غسلك، و
إن لبست قميصاً فشقه و أخرجه من تحت قدميك»{2}فإن الأمر بإعادتها يكشف عن بطلان الإحرام الأوّل لأنه أحرم فيما لا يصلح له لبسه كالمخيط.
و فيه: أن الصحيحة غير ناظرة إلى شرطية اللبس في تحقق الإحرام و إنما هي
ناظرة إلى لبس ما لا يجوز لبسه عند الإحرام، سواء أ كان لابساً لثوبي
الإحرام أم لا بل فرض فيها تحقق الإحرام منه و إنما لبس ما لا يصلح له من
الثياب، و القرينة على ذلك حكمه(عليه السلام)بشق القميص و إخراجه من تحت
قدمه في ذيل الرواية، كما