(3231)مسألة
2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها
وجب تجديده(1)، و لا وجه لما قيل من أن الإحرام تروك و هي لا تفتقر إلى
النيّة، و القدر المسلّم من الإجماع على اعتبارها إنما هو في الجملة و لو
قبل التحلل، إذ نمنع أوّلاً كونه تروكاً فإن التلبية و لبس الثوبين من
الأفعال[1]، و ثانياً اعتبارها فيه على حدّ اعتبارها في سائر العبادات في
كون اللّازم تحقّقها حين الشروع فيها.
_______________________________
(1)فالجزء الأوّل لا بدّ أن يكون مقارناً للنيّة إلى آخر العمل بحيث يكون
الإحرام بتمام أجزائه صادراً عن النيّة و القصد و القربة، فلو حصل ذلك في
الأثناء لا يجزئ و لا يحكم بصحّة إحرامه، كما هو الحال في سائر العبادات.
أقول: لو بنينا بأن الإحرام هو الالتزام النفساني و عقد القلب فهو أمر بسيط
نفساني إمّا موجود أو معدوم، و ليس له أوّل أو أثناء، فلا يتصوّر حصول
النيّة في الأثناء، و أمّا إذا قلنا بأن الإحرام هو التلبية فلا ريب في
اعتبار اقتران جميع أجزاء التلبية بالنيّة و الخلوص، فلو سبق لسانه بأوّل
جزء من التلبيات الأربع و أتى بالبقيّة مع النيّة و الخلوص لا يجزئ عما وجب
عليه من التلبيات.
ثمّ إنّه نسب إلى بعضهم الاكتفاء بحصول النيّة في الأثناء، و علله في المتن
بأنّ الإحرام تروك و هي لا تفتقر إلى النيّة، و القدر المسلم من الإجماع
على اعتبارها إنما هو في الجملة و لو قبل التحلل من الإحرام بلحظة، إذ لا
دليل على أزيد من ذلك.
و لا يخفى أن هذا القول لو كان مبنياً على أن الإحرام نفس التروك فلا مانع
حينئذٍ من الاكتفاء بحصول النيّة في الجملة و لو في آخره قبل التحلل، و هذا
واضح الفساد لأنّ هذه المنهيات و التروك أحكام مترتبة على الإحرام، و
موضوعها المحرم، فلا معنى لأخذ الحكم في موضوعه، بل قد عرفت أن الإحرام
أمره دائر بين التلبية و الالتزام