الأصحاب بالاستحباب و تسالمهم عليه، و لو كان واجباً لكان من جملة
الواضحات لكثرة الابتلاء به في كل سنة لكثير من المسلمين، و كيف يخفى
الوجوب عليهم، و لم ينقل القول بالوجوب إلّا من ابن أبي عقيل{1}و ابن الجنيد{2}و لا يعبأ بخلافهما، لقيام السيرة القطعية المستمرّة بين المسلمين على الخلاف، فلا ينبغي الشك في عدم الوجوب.
هذا مع إمكان حمل الواجب في موثق سماعة على معناه اللّغوي و هو الثابت، و
قد تقدّم الكلام مفصّلاً في باب الأغسال المسنونة من كتاب الطّهارة{3}،
و ذكرنا هناك وجهاً آخر لعدم إمكان القول بالوجوب أصلاً لا النفسي و لا
الغيري. (1)هل يقوم التيمم مقام الغسل مع العذر عنه أم لا؟ قولان، و الصحيح
هو الأوّل كما هو الحال في جميع الأغسال المستحبة، لإطلاق ما دلّ على
بدلية التراب عن الماء{4}في الطّهورية، فكل مورد ثبت كون الغسل مشروعاً و طهوراً و تعذّر منه يقوم التيمّم مقامه، و لا حاجة إلى نص خاص.
و توقف بعضهم في ذلك لعدم النص الخاص، و لأنّ الغرض من الغسل تنظيف البدن و
إزالة الأوساخ عنه، و لا يترتّب ذلك على التيمم. و لكن يضعف ذلك، لأنّ
الغسل عبادة مستقلّة في نفسها و هو طهور، و قد أُطلق الطهور على التيمّم
أيضاً و أنّ التيمّم أحد الطّهورين، و ذلك يكفي في قيام التيمّم مقام
الغسل. نعم، إجزاء الغسل عن الوضوء يختص بالمبدل عنه و هو الغسل، و لا يجري
في البدل أي التيمّم، لقصور دليل البدلية عن إثبات ذلك حتى في التيمم بدل
الأغسال الواجبة غير الجنابة، فلو تيمّم عن غسل المس مثلاً عليه أن يتوضّأ و
إن كان نفس الغسل مجزئاً عن الوضوء.