(1)أمّا في فرض النسيان فالأمر واضح، لعدم العصيان و عدم المبغوضية، فلا
مانع من اتصاف إحرامه بالصحّة، و أمّا في فرض العمد فربّما يقال كما قيل
بأنه لا يصح إحرامه، لأنّ هذا العمل مفوت للواجب فيكون مبغوضاً فلا يقع
عبادة.
و فيه: أن النذر إنما يوجب خصوصية زائدة في المأمور به، كما إذا نذر أن
يصلِّي جماعة أو يصلّي في المسجد الفلاني و نحو ذلك، فإنه يجب عليه الإتيان
بتلك الخصوصية وفاءً للنذر، إلّا أن هذا الوجوب إنما نشأ من فعل المكلف و
نذره، فهو تكليف آخر غير الوجوب الثابت لذات العمل، و المأمور به إنما هو
الطبيعي الجامع بين الأفراد، و النذر لا يوجب تقييداً و لا تغييراً في
المأمور به الأوّل بحيث لو أتى بغير المنذور كان آتياً بغير المأمور به، بل
يكون آتياً بالمأمور به مع كونه تاركاً للنذر، فهو واجب في واجب، و يكون
آثماً من جهة مخالفة النذر و عليه الكفّارة. و الحاصل: النذر لا يوجب تبديل
المأمور به الأوّل إلى المنذور.
و أمّا التفويت فلا يوجب شيئاً في المقام، لأنّ أحد الضدّين لا يكون علّة
لعدم ضد الآخر و لا العكس، و إنما هما أمران متلازمان في الخارج لعدم إمكان
الجمع بينهما في الخارج، فإذا وجد أحدهما لا يوجد الآخر طبعاً.
و أمّا الإحرام من الميقات و من المكان المنذور فليس بينهما أي علية و
معلولية و إتيان أحدهما لم يكن تفويتاً للآخر، بل تفويت الآخر عند وجود
أحدهما ملازم و مقارن له، بل يستحيل الحكم بالفساد في أمثال المقام، و ذلك
لأنّ حرمة الإحرام من الميقات متوقفة على كونه صحيحاً، إذ لو لم يكن صحيحاً
لم يكن مفوتاً، فصدق التفويت يتوقف على أن يكون صحيحاً، و ما فرض صحّته
كيف يكون فاسداً و حراماً.